ابحث عن أي موضوع يهمك
لماذا حث النبي النساء على تعلم سورة النور هو أحد الأسئلة الإسلامية الت تتردد من قبل النساء المسلمات وهو ما يأتي في إطار حرصهن على اتباع تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم وما أمرهم به، وسوف نجيبكم عن ذلك السؤال في مخزن مع ذكر الكثير من التفاصيل حول أسباب نزول هذه السورة الكريمة وما أتت به من مقاصد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (علِّموا رجالَكمْ سورةَ المائِدَةِ، وعلِّموا نساءَكُمْ سورةَ النورِ)، فقد ورد عن الرسول الكريم في الحديث الشريف أنه قد حث النساء على ، يتعلموا سورة النور، في حين أن فقهاء الإسلام قد ذكروا أنه حديث مرسل ضعيف لا يجب أن يتم الأخذ به، وقد ذكر عن ضعف الحديث كل من الألباني والأسيوطي والشوكاني والعديد من أئمة الأحاديث.
وفي ذلك الصدد فيمكن أن يتم أخذ ذلك الحديث على سبيل الاستئناس به وليس الاستشهاد، حيث لا يصح أن يتم الاستشهاد بالأحاديث الضعيفة، في حين أن الحديث الذي حقاً قد ثبتت صحته هو ما ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حينما كتب إلى عماله قوله (تعلموا سورة براءة، وعلموا نساءكم سورة النور).
ويعود السبب في إصداره لنصيحته حول تعلم النساء سورة النور أنها من السور القرآنية التي يعود الكثير من الفوائد في حياة المسلم والمسلمة من تعلمها وتعليمها وتدبرها وحفظها وتعلم تفسيرها وأخذ الأحكام والنصائح والعبر منها، حيث إن من أدرك مقاصد سورة النور وما تتضمنه من أحكام وعمل بها حفظ الله عرضه وستره بحياته وسار على نهج الله جل وعلا.
سورة النور من السور المثانى وهي سورة المدنية عدد آياتها قد بلغ أربعًا وستين آية، أما عن ترتيبها في المصحف الشريف فهي الرابعة والعشرون وعلى ذلك فإنها تقع الحزب السادس والثلاثين، الجزء الثامن عشر، وهي تالية في ترتيب النزول لسورة الحشر، والتي تناولت الحديث حول قذف المحصنات وحدِّ الزنا بالدين الإسلامي، وقد بدأ الله تعالى سورة النور بقوله سبحانه في الآية الأولى منها (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
عرفت سورة النور الكريمة بذلك الاسم لما قد تضمنته من تشبيه لنور الله سبحانه بمشكاة بها مصباح، وذلك المصباح موجود بزجاجة، تلك الزجاجة تقترب في الشبه من الكوكب الدري الذي يوقد بواسطة شجرة مباركة، وهو ما قال به الله تعالى في سورة النور الآية 35 (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ).
ورد عن أبو داوود رحمه الله عن السيدة عائشة رضي الله عنها في ذكر حادثة الإفك أنها قالت “جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكشف عن وجهه، وقال: أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم}.” (النور:11).
وفي سند الطبري ذكر قوله التالي “استعمل علي بن أبي طالب ابنَ عباس رضي الله عنهم على الحج، قال: فخطب الناس خطبة، لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ سورة النور، فجعل يفسرها. وفي رواية: والله لو سمعتها الترك لأسلموا”.
كما ذكر الطبراني بالأوسط أن أبي بن كعب رضي الله عنه قال “لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وآوتهم الأنصار رضي الله عنهم، رمتهم العرب عن قوس واحدة، فنزلت: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض}.” (النور:55).
وقد ورد عن بعض العلماء بالآيات التي ورد بها ذكر حادثة الإفك إنها أرجى ما بالقرآن الكريم، حيث إن الله جل وعلا جعل شأن الإفك عظيماً، وتوعد له الوعيد الشديد، بل إن الله تعال جعل الإفك يتنافى مع الإيمان ويعارضه، ومن ثم جاء الأمر بالعطف على من وقع به، واصفاً إياهم بالهجرة والمسكنة والقرابة، وندب الصفح والعفو عنهم والإنفاق عليهم.
لم تنزل سورة النور على الرسول صلى الله عليه وسلم كاملةً ولكن كان لكل مجموعة من آياتها نزلت على النبي الكريم سبب يختلف عن غيرها، ومن بين أهم تلك الأسباب ما يلي:
- سبب نزول الآية الثالثة من سورة النور: يقول تعالى “الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ”، وهو ما كان السبب به أن هناك رجلاً من الصحابة الكرام أراد الزواج من أمرأة اشتهر عنها الزنا، وحين أتى لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم حول حكم تلك المسألة، جاء نزول هذه الآية لكي تمنع زواجه منها.
- حادثة الإفك: الكثير من فقهاء الدين الإسلامي أرجعوا السبب في نزول سورة النور إلى حادثة الإفك التي قام المنافقون فيها بتوجيه إتهام باطل إلى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قد أتت الفاحشة ولعياذ بالله مع الصحابي الجليل رضوان بن المعطل، فكان نزول الآية الحادية عشر من سورة النور التي قال تعالى بها “إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ”، كما ورد بالسورة الكريمة آيات تتضمن عقوبة اللعان والقذف.
- عقب وقوع حادثة الإفك قام الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه بقطع النفقة عن مسطح بن أثاثة حيث أنه قام بالإشتراك في لك الحادثة، وقام أبي بكر بالحلف على عدم الإنفاق عليه، لذا أنزل الله جل وعلا الآية الثانية والعشرون من سورة النور والتي قال بها “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.
كانت تلك الإجابة على سؤال لماذا حث النبي النساء على تعلم سورة النور عرضناها لكم في مخزن، كما أوضحنا لكم بعض من الأسباب التي نزلت آيات سورة النور من أجلها، وفضلها ليس في حياة النساء المسلمات فقط ولكن المجتمع الإسلامي ككل.