اختلفت الأقوال والآراء الخاصة بسمرقند ومؤسسها الفعلي، أما سمرقند فهي تقع في أوزبكستان الحالية، وهي دولة اشتراكية كانت من الدو السامانية السوفيتية، ووصلت مساحتها إلى 108 كيلو متر، أما عدد سكانها في الوقت الحالي فيصل إلى 546303 نسمة ولغتها الرسمية الحالية هي الأوزبكية، وبطلق على سمرقند ملتقى الثقافات، ومن هذا المنطلق نوضح فيما يلي قصة سمرقند الحقيقة عبر موقع مخزن في الفقرات التالية.
انتشرت الكثير من الأقاويل الخاصة بمؤسس سمرقند فالبعض أشار إلى أم مؤسسها هو كيكاوس بن كيقباذ، والبعض الآخر أشار أن مؤسسها هو الإسكندر الأكبر، وبعض المؤرخين يقولون بأنها اسمها قبل التعريب هو شمركنت ولهذا فإن مؤسسها هو شمر أبو كرب، أما الأمور التي جاءت عن سمرقند فهي ما يخص الفتح الإسلامي والغزو المغولي والعديد من الأحداث التاريخية المتنوعة التي جعلتها من المدن البارزة التي يسعى الكثيرين إلى معرفة قصتها الحقيقية، ومن خلال ما يلي نوضح أحداث الفتح الإسلامي لسمرقند.
أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وفي عام 87 هجريًا، 705 ميلاديًا تم فتح سمرقند على يد قتيبة بن مسلم الباهلي الذي عرف بقوته الكبيرة وفتوحاته المتنوعة، وتم فتح سمرقند بجانب إقليم بلاد ما وراء النهر.
لكن قتيبة قد فتح البلاد دون أن يدعو أهل سمرقند إلى الإسلام أو يأخذ منهم جزية، ولم يمهلهم ثلاثة كعادة الفتوحات الإسلامية، ولما علم أهل سمرقند بأن هذا يخالف العادات الإسلامية، قام الكهنة المتواجدين بها بكتابة رسالة إلى سلطان المسلمين، وأرسلوها مع كاهن سمرقندي منهم.
بمجرد وصول الرسالة إلى السلطان وقرأها أمر باستدعاء قتيبة بن مسلم إلى مجلس القضاء من أجل التحقيق في الأمر، وبمجلي القضاء نادى الغلام: (يا قتيبة!) دون استخدام أي ألقاب، فحضر قتيبة بن مسلم وأمامه الكاهن السمرقندي في اجتماع القاضي.
قام القاضي بسؤال الكاهن السمرقندي عمن شكواه، فأخبره الكاهن بأن جيش المسلمين بقيادة قتيبة قد هاجم المدينة دون إنذار مسبق، ولم يدعو أهل المدينة إلى الإسلام أو يطالب بجزية، فسأل القاضي قتيبة عن حقيقة الأمر، فقال قتيبة بأنهم قد هاجموا المدينة فجأة كون الحرب هي خدعة، والعديد من البلاد حولهم رفضوا الدخول في الإسلام أو دفع الجزية.
فأشار القاضي إلى أن أن هذا الحديث هو إقرار من قتيبة بذنبه، وبهذا انتهاء للمحكمة، وقال القاضي: “يا قتيبة، ما نصر الله هذه الأمة إلا باجتناب الغدر، وإقامة العدل”. ولهذا قضى القاضي بأن جيش المسلمين سيخرج من سمرقند، وسيخرج المسلمين والأطفال والنساء الذين دخلوها مع الفتح، وأن على المسلمين أن يقوموا بإنذار أهلها قبل الفتح.
فلم يصدق الكاهن الأم، وعاد ليخبر أهل المدينة والكهنة بالأمر ويروي ما رآه في بلاد المسلمين، وبعد مرور وقت قصير من إصدار الحكم سمع أصوات سمرقند أصوات ترتفع ورايات تلوح، وقيل بأن الحكم تم تنفيذه وجيش المسلمين ينسحب من المدينة.
بعد هذه الأحداث والتأكد من مدى صحة الإسلام وأنه دين الحق خرج كهنة سمرقند وأهل المدينة أفواجًا تجاه معسكر المسلمين وهم يرددون الشهادة (شهادة أن لا إله إلا الله، محمد رسول الله).
تحولت بعض المعابد بعدها في المدينة إلى مساجد خاصة بتأدية الصلاة، وتعليم أهل المدينة تعاليم الإسلام.
أما في العصر العباسي فقد وصلت المدينة إلى أكثر أيام ازدهارها، وهذا بعهد الخليفة المعتمد على الله، وقد اعتمد الخليفة سمرقند عاصمة لبلاد ما وراء النهر، واستمرت كعاصمة للبلاد حتى عهد الأمير أحمد بن إسماعيل، الذي اعتمد بخاري هي عاصمة البلاد.
من هذا المنطلق تمكنت المدينتين من أن تصبحا من المدة الهمة التي تحمل العديد من الثقافات الاجتماعية والحضارية المميزة، واستمرت البلاد في ازدهارها حتى وقت تحت حكم الخوارزمية بعهد السلطان علاء الدين محمد بن تكش، الذي غزى بلاد ما وراء النهر وسيطر على سمرقند بعام 606 هجريًا، 1209 ميلاديًا.
الغزو المغولي لمدينة سمرقند
من خلال النقاط التالية نتعرف معًا على أمر الغزو المغولي الذي حل على مدينة سمرقند بقيادة جنكيز خان بعد الفتح الإسلامي، وأيام متوالية من الازدهار:
قام المغول بمجرد دخولهم إلى البلاد بتدمير العديد من المباني الإسلامية، وتم اعتبار هذه الفترة نكسة حقيقية شهدتها البلاد، فبمجرد تدمير جنكيز خان مدينة بخاري التي كانت العاصمة حينها توجه إلى سمرقند، واعتمد على الحيلة من أجل الإيقاع بأهلها، فاستخدم عدد كبير من أهالي بخاري بجوار جيشه ليظن أهل سمرقند أنهم جيش كبير ليخافوا ويهربوا، وبالرغم من نجاح هذه الخدعة إلا أهل مدينة سمرقند لم ييأسوا أو يستسلموا عن الدفاع عن مدينتهم.
استمر دفاع أهل المدينة عن أرضهم ومدينتهم لمدة وثلت إلى ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث تمكنوا من الخروج من المدينة ومهاجمة جيش المغول، إلا أن جيش جنكيز خان كان الأقوى فتمكن من هزيمتهم وانتصر على أهل مدينة سمرقند ودخل البلاد بالعشر من شهر محرم لعام 617 هجريًا والموافق لعام 1220 ميلاديًا.
دخل جنكيز خان إلى قصر الحاكم وخربه، وأمر بالقتل والنهب، وساهم وجيشه في خراب مدينة سمرقند مثلما قام بتخريب مدينة بخاري، وفرض عليهم الضرائب الباهظة لمن بقي في المدينة، ولكن بعد اعتناق المغول للإسلام قاموا بتشييد العديد من المباني الإسلامية المتنوعة، وبشكل خاص في العهد التيموري، وهذا بعد مرور حوالي مئة وخمسين عام من فترة حكمهم لبلاد ما وراء النهر.
فقد استمر الحكم التيموري لبلاد ما وراء النهر بدايةً من 617 هجريًا وحتى 772 هجريًا، وهو التاريخ الذي يوافق 1220: 1370 ميلاديًا.
الدولة التيمورية
أعلن تيمورلنك مؤسس إمبراطورية تيمور العظمى من سمرقند عاصمة لدولته في العصور الوسطى، وقام بالاستعانة بأفضل المعماريين والحرفيين والعديد من الفنانين من الشرق والغرب وحتى الشمال والجنوب من أجل بناء سمرقند وتجديدها.
هذا هو الأمر الذي جعل منها من المدن الأساسية في العالم والتي تعتبر ثقل العالم وملتقى الثقافات في هذه الفترة، وفي عهد ابنه أولوغ بيك أصبحت المدينة هي المركز العالمي والعلمي ، واستطاعت جذب العديد من الزوار من أنحاء العالم أجمع بمرور العصور، هذا بجانب أنها من أهم الأجزاء المتواجدة في طريق الحرير.
تم ذكر هذه المدينة في العديد من الأشعار والروايات والكتب المتنوعة، وما زالت حتى وقتنا الحالي تحافظ على الرونق الخاص بها والتاريخ المميز.
الحكم القيصري الروسي والسوفيتي
في القرن التاسع عشر قام الجيش الروسي بالاستيلاء على بلاد ما وراء النهر، والتي من ضمنهم تواجدت مدينة سمرقند.
بعالم 1918 ميلاديًا قامت الثورة الشيوعية في روسيا واستولى الثوار على المدينة وبقيت تحت سيطرتهم حتى سقطت الشيوعية بعام 1992 ميلاديًا، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي تمكنت مدينة سمرقند من الحصول على الاستقلال الخاص ها كواحدة من الجمهوريات المتنوعة التي نالت استقلالها بهذه الفترة.
بهذا نكون وصلنا إلى نهاية موضوعنا بعد الإلمام بـ قصة سمرقند الحقيقة وكيف دخل أهل هذه المدينة إلى الإسلام بعد الإلمام بتعاليم الدين القيمة، والإلمام بالمعلومات التاريخية والأحداث المتنوعة التي مرت بهذه المدينة عبر الفقرات السابقة.