حثّنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- على تحرّي أوقات إجابة الدعاء، ومن أهمّها ليلة القدر التي تتميز بفضلها العظيم وبركتها وخيرها، لذا وجب على المسلم أن يُحسن ويُكثر من الأعمال الصالحة، ويدعو بكل ما تمنّى، ويقتدي في دعائه بهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والذي يشمل دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول، وهو ما نوضحه فيما يلي:
دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول هو “اللهمّ إنّك عفوّ كريم تُحبّ العفو فاعفُ عنّا”.
لهذا الدعاء الكثير من الثمرات التي تعود على العبد في الدنيا والآخرة، فلم يوصينا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر إلّا وكان به خيرٌ لنا.
فمن فضائله استحباب طلب عفو العبد من ربّه -جلّ وعلا- في كافة الأزمنة، وفي ليلة القد على وجه الخصوص.
كما ينال العبد مطالبه الهامّة والتي تتمثل في الطهارة من الذنوب والخطايا، ونيل الشرف الكبير والمثوبة، وتطبيق شرع الله تعالى، ومسارعة العبد إلى الخيرات.
فعند قول الدعاء يقترب العبد من ربّه أكثر، فالعفو شامل لكافة الذنوب ولجميع الخلق، لكن لا يدخل بها الشرك؛ لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) سورة النساء آية 48.
دعاء الرسول في ليلة القدر ابن باز
ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن دعاء “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنّا” هو الذي أوصى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.
لما فيه من الخير الوفير والفضل الكبير، فهو دعاءٌ نبويّ عظيم له الأولوية في كثرة الدعاء به، اقتداءً برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وحرصًا على الطاعة والعبادة.
حيث إن ليلة القدر هي أعظم الليالي وأكرمها عند الخالق عز وجلّ، وقد نزل القرآن الكريم باللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر؛ قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
لذا فهي تحوي الكثير من الفضائل، ومن أهمها استجابة الدعاء بإذن الله، ووجب الإكثار من دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول الذي جاء بالحديث:
عن عائشة -رضي الله عنها-: “قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَرأيتَ إنْ عَلِمتُ أيَّ لَيلةٍ ليلةُ القَدرِ؛ ما أَقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي.
أدعية نبوية في ليلة القدر
بعد معرفتنا لإجابة دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول نعرض بعض الأدعية التي يستحسن ذكرها والدعاء بها في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل تحرّيًا لقدوم ليلة القدر، ففي تلك الليلة يكون العبد أقرب إلى استجابة الدعاء، واتساع رحمة الله ومغفرته به، ومن الأدعية النبوية التي وردت في الأحاديث الشريفة المتضمن ليلة القدر ما يلي:
“ربِّ أَعِني ولا تُعِنْ عليَّ وانصُرني ولا تنصُرْ عليَّ وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ واهدِني ويَسِّرِ لي الهُدى وانصُرني على من بغى عليَّ ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا لك ذَكَّارًا لك رهَّابًا لك مِطواعًا لك مُخبِتًا إليك أَوَّاهًا مُنيبًا ربِّ تقبَّلْ تَوْبتي واغسِلْ حَوبَتي وأَجِبْ دَعْوتي وثَبِّتْ حُجَّتي وسَدِّدْ لساني واهدِ قلبي واسلُلْ سَخيمةَ صدْري”.
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ”.
ليلة القدر ليلة شريفة وهي ليلة النصف من شعبان هي عبارة خاطئة؛ فكما ذكرنا تأتي ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان.
فتكون في آخر ثلث من رمضان، ولم يُعلم وقتها بدقة، وذلك ليقوم الناس بالتقرب إلى بارئهم -جلّ وعلا- بالعبادات والأعمال الصالحة وطلب العفو والغفران على مدار العشر كاملة.
وفي تلك الليلة يكون التعبّد خير من ألف شهر، ولها علامات كاعتدال الجو، والنور الساطع، والرياح الهادئة الرقيقة.
وفي ليلة القدر يكون نزول الملائكة إلى الأرض بأعداد تتجاوز الحصى.