إن حوالي 13% من سكان العالم النامي ورابطة الدول المستقلة يسكنون في البيئات الجبلية، وهذه المناطق غالبًا ما تكون معزولة وتعاني من ضعف البنية التحتية، ومع تزايد الكثافة السكانية أدى هذا إلى ضغط أكبر على الموارد ودفع السكان إلى الهجرة نحو المدن والمناطق ذات الأراضي الأقل ارتفاعًا، مما أثر سلبًا على أساليب الحياة التقليدية وزاد من مشكلات نقص الأمن الغذائي، وفي مقالنا هذا عبر موقعكم مخزن سوف نتعرف معًا على أهم خصائص البيئات الجبلية.
تتميز البيئة الجبلية بالتضاريس العالية والتضاريس الجبلية المرتفعة مقارنة بالمناطق المحيطة بها. تشتمل على العمليات والأنظمة البيئية التي تعكس الارتفاعات المتنوعة، مما يجعلها بيئة مختلفة تمامًا عن أي بيئة أخرى، حيث تكون معظم البيئات الجبلية قاحلة وصخرية، مع وجود قمم تصل ارتفاعها إلى 8000 متر فأكثر، مما يعني أن ارتفاعها يفوق كثيرًا مستوى سطح البحر. تتغير الظروف المناخية كلما ارتفعت إلى أعلى الجبال، وهناك خصائص متعددة للبيئة الجبلية، منها ما سنذكره في الفقرات التالية.
الارتفاع ودرجة الحرارة
فلما ارتفعت إلى جبل أعلى انخفضت درجة الحرارة المحيطة، ويُعرف هذا بالتدرج الحراري العمودي، تتأثر هذه الاختلافات في درجات الحرارة بواقع أن الغلاف الجوي يكون أكثر سمكًا في المناطق المدارية مقارنة بالمناطق ذات الخطوط العرض المعتدلة والباردة، ويؤثر ذلك بشكل كبير على توزيع النظم البيئية للجبال في الاتجاه الطولي.
الأمطار الأوروغرافية
تُعتبر الجبال عائقًا يعيق حركة التيارات الهوائية، مما يؤدي إلى ارتفاع هذه التيارات وتكاثفها عند الاصطدام بالجبل، وهذه التيارات السطحية تكون دافئة ورطبة، خاصة عندما تتحرك فوق البحار.
تأثير اتجاه المنحدر
تأثير اتجاه المنحدر على النظم البيئية الجبلية يتجلى في الدور الذي يلعبه اتجاه المنحدرات تجاه الشمس. يعني ذلك أن جوانب الجبل تتعرض لأشعة الشمس بزوايا مختلفة في أوقات متفاوتة خلال اليوم، مما يؤثر على نوعية النباتات والغطاء النباتي المتواجد هناك.
الإشعاع الشمسي
في المناطق الجبلية العالية، يكون الغلاف الجوي أقل كثافة مما يزيد من وصول الإشعاع الشمسي، خاصة الأشعة فوق البنفسجية، وهذا يمكن أن يكون ضارًا للأنسجة الحية، ولذلك تطبق النباتات والحيوانات استراتيجيات للحماية من ذلك.
الجاذبية الأرضية وتأثيرها
تؤثر قوة الجاذبية في الجبال على الغطاء النباتي لتعويض التضاريس الوعرة، وكذلك على تدفق المياه والترسبات والتوزيع المائي، الأمر الذي يؤثر على نوعية النباتات المتواجدة.
تنوع وتسلسل النظام البيئي الجبلي
توجد تنوعات في النظم البيئية في المناطق الجبلية العالية، حيث تتأثر هذه النظم بدرجات الحرارة والرطوبة. يشبه هذا التنوع التغيرات التي تحدث بين خط الاستواء والأقطاب الأرضية، حيث تتغير نوعية الغطاء النباتي مع التغيرات في الخطوط العرض.
معلومات عن البيئة الجبلية
أكد المركز العالمي لرصد حفظ البيئة وجود ستة أنواع من الجبال التي تشمل ما يقرب من 22% من مساحة سطح الأرض حيث:
تُعرف المناطق التي يبلغ ارتفاعها 2500 مترًا أو أكثر على أنها جبال.
أما المناطق التي تتراوح ارتفاعاتها بين 305 و2500 متر، فهي تُعتبر جبلية إذا كانت تحتوي على منحدرات حادة أو سلاسل عريضة من الارتفاعات في منطقة صغيرة (نطاق الارتفاع المحلي) أو كليهما.
بينما تضم الوديان المرتفعة والهضاب التي يقل ارتفاعها عن 2500 متر، والتي لا تحتوي على منحدرات حادة أو نطاقات ارتفاع محلي، لكنها لا تُصنّف كجبال.
ونظرًا لانخفاض درجات الحرارة مع الارتفاع، تتميز المناطق الجبلية بتنوع مناخي ووفرة نباتات خضراء.
تتفاوت النظم البيئية الجبلية اعتمادًا على الطبيعة الجيولوجية للسلسلة الجبلية ودرجة التعرض للشمس والرياح والمواقع الجغرافية ما بين الأقاليم المعتدلة وشبه الاستوائية أو الاستوائية.
وعلى الرغم من ثراء التنوع البيولوجي للمناطق الجبلية، فإن النظم البيئية بها عادة ما تكون هشة، ففي المناطق العالية يتعرض الجبال لرياح قوية وأمطار غزيرة، في حين تفتقد مناطق أخرى للأمطار الفعلية.
تتضمن المخاطر الأخرى التي تواجه الجبال التعرض للشمس القوية والكوارث الطبيعية مثل الانهيارات الجليدية والانهيارات الصخرية والهزات الأرضية والطوفانات المحلية.
وتعمل البرودة في الجبال على تباطؤ تكوين التربة ونمو النباتات الخضراء، في حين تُساعد المنحدرات على تعرية التربة، وهذه الظروف تُعتبر من سمات البيئات الجبلية.
نماذج على البيئة الجبلية
هناك العديد من الأمثلة حول العالم لنظام البيئة الجبلية وسنذكر بعضها فيما يلي:
غابة السحاب في رانشو غراندي في فنزويلا: حيث تقع هذه الغابة ذات الغيوم الكثيفة في سلسلة جبال كوستا بالمنطقة الوسطى الشمالية من فنزويلا. تمتد بين ارتفاعات تتراوح بين 800 و2500 متر فوق سطح البحر، وتتميز بوجود شجيرات كثيفة من الأعشاب والشجيرات الكبيرة، مع طبقتين من الأشجار. الطبقة السفلى تتألف من الأشجار الصغيرة والنخيل، بينما تأتي الطبقة العلوية مكوَّنة من أشجار تصل أطوالها إلى 40 مترًا.
الأراضي القاحلة الاستوائية: وتعرف كنوع من النظم النباتية في جبال الأنديز الاستوائية العالية، في الإكوادور وكولومبيا وفنزويلا، على ارتفاع يصل إلى 3500 متر فوق سطح البحر وحتى منطقة دائمة الثلوج. تتكون هذه الأراضي من الأعشاب الوردية والأوراق المبطنة بأوراق قطيفة، بالإضافة إلى شجيرات منخفضة ذات أوراق صلبة.
سكان المناطق الجبلية
وفقًا لتقديرات المنظمة، يقدر عدد سكان المناطق الجبلية في العالم وصل إلى 718 مليون نسمة في عام 2000 حيث:
يسكن ما يُقارب 625 مليون نسمة منهم في البلدان النامية ورابطة الدول المستقلة، وتشكل المناطق التي تقع على ارتفاعات أقل من 1500 متر نحو 60% من إجمالي المناطق الجبلية في هذه البلدان، ويعيش فيها 70% من سكان المناطق الجبلية.
في المقابل تمثل المناطق ذات الارتفاعات التي تتجاوز 3500 متر نحو 15% فقط من المناطق الجبلية، ويعيش في هذه المناطق 2.5% فقط من السكان.
رغم الأهمية المتنامية للتحضر والنمو في بعض المدن الجبلية، إلا أن أكثر من ثلاثة أرباع سكان المناطق الجبلية في البلدان النامية ورابطة الدول المستقلة يظلون سكانًا ريفيين.
يقوم هؤلاء السكان وفقًا للتقاليد بأنشطتهم الحياتية بالزراعة والحراثة والرعي وصيد الأسماك وجمع النباتات البرية.
من أين يستمد سكان لبيئة الجبلية غذائهم؟
السلع التي تعتمد على التنمية التجارية في النظم البيئية الجبلية تتضمن الحبوب المحلية والمحاصيل الشجرية مثل الشاي والتفاح والأعشاب الطبية، إلى جانب منتجات الحرجة وصيد الأسماك النهرية.
تظهر تقديرات المنظمة أن حوالي 40% من المناطق الجبلية في البلدان النامية ورابطة الدول المستقلة تُنتج أقل من 100 كيلوغرام من الحبوب للفرد سنويًا
تشكل الغابات المغلقة أو المحميات الطبيعية نسبة 30% من المناطق الجبلية، مما يُعد من الصعب على السكان الريفيين الذين يعيشون في هذه المناطق أن يحصلوا من الزراعة على سبل معيشتهم، وقد استخدمت المنظمة تقديرات أعدادهم، بالإضافة إلى معلومات أخرى ذات جودة، لتقدير مبدئي لعدد سكان الجبال الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
التهديد الغذائي لسكان البيئة الجبلية
أن أكثر من نصف سكان المناطق الجبلية في البلدان النامية ورابطة الدول المستقلة، والبالغ عددهم بين 250 و 370 مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذاء. ويرجى عدم الخلط بين التعرض لنقص الغذاء وتقديرات منظمة الأغذية والزراعة لناقصي الغذاء، فحوالي نصف المتعرضين لنقص الغذاء يُعانون فعليًا من نقص الغذاء، وبالنسبة للبيئة الجبلية فإنها:
تختلف بشكل كبير بسبب ارتفاعها، ومدى نطاقها، وصعوبة السلاسل الجبلية، وهذه الاختلافات تؤثر على فرص العيش ومصادر التعرض لسكان تلك المناطق.
وهناك عوامل كثيرة أخرى تلعب أدوارًا حيوية، بما في ذلك نقص البنية التحتية، وتعقيد الوصول إلى الخدمات والأسواق في المناطق الجبلية، ودرجة اندماجها في المجتمعات القروية وارتباطها بالاقتصاد القروي والأداء الاقتصادي بشكل عام.
غالبًا ما تكون التقاليد الثقافية في المناطق الجبلية قوية أو مرنة، ولكن نقص التنوع الزراعي وقلة المعلومات والمعرفة حول التغذية الصحية والرعاية الصحية يجعلان سكان المناطق الجبلية عُرضة لمعدلات عالية من سوء التغذية والأمراض. قد تؤدي المواقف التقليدية والمعتقدات إلى تبني أساليب في استخدام الأراضي لم تعد مناسبة للظروف الجديدة في البيئات الجبلية.
في العديد من الأماكن لم تعد الاستراتيجيات العيش التقليدية مستدامة بسبب زيادة الضغط السكاني والتحطيم الزراعي المتزايد والتعرية وانخفاض جودة التربة.
وكنتيجة لذلك زادت المنازعات من أجل السيطرة على مساحات محدودة من الأراضي وموارد المياه والغابات.
وحينما تُتاح الفرص الاقتصادية في المدن الجبلية تأتي معها مشاكل مثل التلوث والحاجة المتزايدة إلى الأموال النقدية وضعف المؤسسات المحلية الموجودة في المناطق المرتفعة.