ابحث عن أي موضوع يهمك
حث رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع المسلمين بالإكثار من إتيان الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة، ومن أفضل الأعمال بها هو الصوم، ولكن ماذا يكون حكم الشرع في مسألة صوم يوم الجمعة بالعشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وقد اتفق علماء الإسلام في جواز صوم المسلم ليوم الجمعة، حيث لم يرد أي نص شرعي أو حديث شريف ينص على تحريم صوم يوم الجمعة بأي حال من الأحوال، وفيما يلي إيضاح للأدلة على على صحة ذلك:
عند موافقة يوم عرفة ليوم الجمعة، فيكون في ذلك اجتماع لفضل إلى فضل، وعيد إلى عيد، ولكن ما ورد من الأحاديث عن أن الحجة بذلك اليوم التي يوافق يوم عرفة بها يوم الجمعة تعادل سبعين حجة ما هي إلا أحاديث ضعيفة، لا أساس لها من الصحة، وفي ذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله (وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة: فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه، وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين والله أعلم).
وفي الحالة التي يوافق بها يوم الجمعة يوم عرفة فلا يكون هناك حرج في صومه، ولا يكون من الواجب على المسلم صوم يوم سابق، في حين أنه لا يجوز صوم اليوم التالي له، إذ يكون عاشر يوم من أيام ذي الحجة هو اليوم الأول من عيد الأضحى، وهو ما يكون الصوم محرم به، وقد قال في ذلك ابن قدامه بالمغني (رجل كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت فصام الجمعة مفرداً؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة).
من المستحب للصوم أن يصوم الثمانية أيام الأولى من شهر ذي الحجة بشكل عام، حيث يعتبر الصوم من الأعمال الصالحة التي حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار منها في تلك الأيام المباركة، أما تاسع يوم فيكون صومه مستحب ومندوب على وجه التحديد والخصوص، حيث إنه يوافق يوم عرفة أفضل أيام العام، وهو ما رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بصومه عبر إيضاح ما يترتب عليها من أجر وثواب.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ)، أما عاشر يوم من أيام ذي الحجة فيكون حرامًا على المسلم صومها، حيث يوافق اليوم الأول من عيد الأضحى، وقد نهى الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه عن صوم يومي العيد، ويعود إكلاق الصوم على العشر من ذي الحجة، للتغليب.
أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم مدى ما للعمل الصالح في الليالي العشر من ذي الحجة من فضل عظيم، فقد قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ)، وأوضح بحديث شريف آخر فضل الصوم بشكل عام، إذ قال صلوات الله عليه وسلامه (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).
كما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الصوم من أفضل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى في الحديث الشريف الذي رواه أبو أمامة الباهلي إذ قال (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ، فإنَّهُ لا عدلَ لَه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه)، وفي ذلك يتضح مدى ما لهذه الأيام من فضل عظيم، حيث يجتمع بها أفضل الأعمال عند الله تعالى بأفضل أيام العام.
كما ويذكر أن من فضل صوم تاسع يوم من ذي الحجة أن الله تعالى يكفر للمسلم به ذنوب عامين، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك (صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ).
يندرج صوم العشر من ذي الحجة ضمن صيام النافلة، وليس صوم الواجب، ولا يشترط لصوم النافلة تبييت النية قبل وقت الفجر، وقد استدل العلماء في ذلك على ما روي عن أن المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها إذ قالت (دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ)، وعلى ذلك لا يشترط لوم العشر من ذي الحجة تبييت النية قبل الفجر.
ليوم عرفة فضل عظيم، فهو أحد أفضل أيام العام، ويكون الدعاء فيه بأمر الله مستجاب، وفيما يلي نذكر بعضًا من فضل يوم عرفة: