يعتبر الإسلام واحد من الأديان التي تحمل العديد من الفضائل، ومن مميزات دين الإسلام كونه يعتبر المسلم تلميذًا لكل تعاليمه منذ الصغر، والامتحانات الإسلامية تتجلى بشكل بواضح في الشعائر التي يتم فرضها على المسلمين، ومدى الالتزام بها، ومن هنا تأتي التساؤلات النتنوعة الخاصة بحكم صيام الأطفال في رمضان.
الصيام من الطاعات التي تحمل عظيم الأجر، والتي أخص الله بها نفسه، ورمضان نفسه من النفحات الإيمانية التي تحل على المسلمين كل عام، وهو واحد من الشهور التي تتجلى بها رحمة المولى عز وجل على عباده، مما يجعلهم يتسابقون في الخيرات والطاعات للوصول إلى أعلى الجنان، ومن هذا المنطلق نوضح عبر الفقرات التالية حكم صيام الاطفال في رمضان عبر الفقرات التالية لموقع مخزن فيما يلي.
من المستحب صيام الأطفال في شهر رمضان الكريم منذ الصغر وفقًا لآراء العديد من العلماء، وهذا في حالة أنه يمكنه الصيام دون تعب أو مشقة، ودون إجبار من أولي الأمر، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم دائمي الحرص على تشجيع أطفالهم على الصيام منذ عمر صغير.
تم إثبات تشجيع الأطفال على الصيام منذ الصغر، وفقًا لما جاء من حديث شريف برواية الربيع بنت معوذ بن عفراء قائلة: “أَرْسَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ ومَن أصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ، قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ“
ففي الحديث السابق إشارة واضحة على تدريب الأطفال على الصيام منذ عمر صغير، فتقول الربيعُ بنت معوذ بن عفراء بأنهم كانوا يصومون يوم عاشوراء،وهو من الأيام المباركة التي بها نجى سيدنا موسى عليه السلام بفضل من الله وقوة من فرعون وجنوده،وهو عاشر أيام شهر المحرم.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل أشخاص من الأنصار حول المدينة ينادون في الناس بأن أصبح مفطرًا فمن الأفضل له الإمساك عن الطعام والصيام، ومن أصبح صائمًا فليستمر في صيامه.
وتمت الإشارة بعد ذلك إلى أن الصبيان أي الأطفال كانوا يصومون مع آبائهم، وكان لهم ألعاب من الصوف، فإذا بكى الفتى على الطعام يتم إلهائه بواحدة من هذه الألعاب حتى وقت الإفطار، وهذا من أجل التشجيع والتدريب على العبادات.
كما أشار فقهاء الدين إلى عدم جواز إجبار الأطفال على الصيام في نهار رمضان وغيرها من أيام الصيام، وهذا لأنه ليس واجبًا شرعيًا عليه، وهم غير مكلفين بصيامه.
متى يجب الصيام على المسلم في أي سن
الصوم واحد من العبادات التي شرعها الإسلام لعباده المسلمين، وتم فرض الصيام في العام الثاني من الهجرة، وفي هذا الشأن نزلت العديد من الآيات القرآنية المتنوعة التي تدل على فضله وآدابه، كما تم تبيان أحكامه ومواقيته في السنة النبوية الشريفة أيضًا، فيقول تعالى في سورة البقرة بالآية 183: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
كما تمت الإشارة في القرآن الكريم بالآية ال185 من سورة البقرة أيضًا على الموعد المخصص لفريضة الصوم، بجانب التعاليم والأحكام الخاصة به، فيقول تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
في الآية السابقة إشارة واضحة على فريضة صيام شهر رمضان الكريم، وهذه الفريضة تقع على المسلمين المكلفين.
من هذا المنطلق فإن الصيام هو فرض على كل مسلم بالغ، عاقل، قادر، ولهذا فإن الصيام فريضة يجب تأدتيها بمجرد بلوغ العبدن ولهذا فمبجرد بلوغ طفلك الحلم عليه أن يبدأ الصيام بشكل كامل، ومن هذا يأتي حكم صيام الاطفال في رمضان بأنه مستحب، وهذا من أجل تدريب الأطفال على العبادات والطاعات منذ الصغر.
كيفية تشجيع الأطفال على الصيام
هناك العديد من الطرق التي من خلالها يمكن جعل الطفل محب للصيام، وهو بنفسه من يقرر رغبته في الصيام مع أهل بيته وتقليدهم في الطاعات المتنوعة التي تخص شهر رمضان الكريم، ومن ضمن هذه الطرق ما يلي:
في البداية لا بد من تشجيع الطفل باستخدام العديد من الطرق المتنوعة أولها هي مشاركته السحور مع الأسرة، وتحفيزه طوال اليوم على إتمام الصيام لنهايته، وهذا في حالة أنه لا يعاني من التعب والإرهاق والمشقة.
كما يجب أن يتم ملء وقته بالعديد من النشاطات والأمور المتنوعة التي توم بإلهائه عن الطعام والشراب، وكانت هذه هي الطريقة التي يتم اتباعها من قبل الصحابة كما وضحنا فيما سبق.
تعريف الأطفال بأهمية الصيام وفضائله وآدابه، وما يعود عليهم من ثواب عظيم، وتعريفهم بأن الله عز وجل قدد خصص للصائمين بابًا خاصًا بهم في الجنة يطلق عيله باب الريان، ويمكن الاعتماد على إخبارهم بأن للصائم عند فطره دعوة مستجابة لا ترد أبدًا، كما يتم الإشارة إلى أن الصيام بجعل من قلب الإنسان رحيمًا وتقيًا.
يمكن أيضًا الاعتماد على أسلوب الترغيب في الصيام، وهذا عن طريق إهدائهم الهدايا، والمميزات المختلفة التي يرغبون بها بمجرد إتمامهم صيام يوم ما في شهر رمضان، أو في حال إمساكهم عن الطعام لفترة معينة خلال نهار رمضان، ولكن من المهم أن يتم الأمر باعتدال دون تبذير أو مبالغة.
الحرص على أن يشارك طفلك في الأجواء الرمضانية، من حيث تزيين المنزل، والعديد من الأمور المتنوعة الخاصة بالشهر الكريم، والتي تجعل من الطفل يستشعر عظمة الشهر الكريم.
من المهم أيضًا أن يتم تدريج الصيام للطفل، فلا يصوم الوقت كاملًا في وقت مبكر من طفولته، فمن الممكن أن تكون البداية بتخصيص وقت معين لإمساكه عن الصيام، فمثلًا يمكنه الإمساك عن الصيام من الفجر إلى صلاة الظهر، أو من صلاة العصر حتى صلاة المغرب وهكذا.
يمكن استعمال المسابقات الرمضانية التي تعمل عمل الترغيب في حال امتلاك أكثر من طفل، ومن خلال هذه المسابقات يمكن إدارج وقت معين للإمساك عن الطعام، أو تحدي الأطفال بحفظ سور معينة من القرآن وغيرها من المسابقات التي تعزز لديهم المشاعر الإيمانية الخاصة بالشهر الكريم منذ عمر صغير.
شروط وأركان الصيام
الصيام هو رابع أركان الإسلام، وهو الإمساك عن الشهوات التي أحلها الله من طعام وشراب وغيرها من أمور متنوعة بغرض تزيكة النفس وطهارتها بنية خالصة للمولى عز وجل، وهناك بعض الأركان والشروط الأساسية التي من خلالها يصح الصيام أو يفسد، ومن ضمن هذه الأركان والشروط ما يلي:
في البداية لا بد من النية، النية محلها القلب، أي على العبد المسلم أن ينوي الصيام قبل بدايته، وهي من الأركان الأساسية لدى جموع المالكية والشافعية، وباجتماع من جموع الفقهاء تعد النية واحدة من الشروط الأساسية لصحة الصيام.
أهم أركان الصيام عن الإمساك عن الطعام والشراب من وقت طلوع الشمس، أي من أذان الفجر، وحتى غروبها أي حتى سماع أذان المغرب.
أما الشروط العامة للصيامة فتتضمن البلوغ، العقل، الإسلام، القدرة، الصحة ومكان الإقامة، فلا يجب على المريض أو المسافر الصيام، ولكن عليهم قضاء أيام الفطر عندما تتاح لديهم الفرصة لذلك.
من المشروط أن يتم الصيام للمسلم العاقل الذي يستطيع التفريق والتمييز، كما لا بد من الطهارة، فيجب على المرأة أن تكون طاهرة من الحيض، والنفاس، وعلى المرأة والرجل أن يكونا طاهريين من الجنابة.
كما لابد من الإلمام بالوقت المخصص بالصيام، ومن المهم الابتعاد عن مبطلات الصوم المتنوعة من أجل إتمامه بشكل صحيح.