ابحث عن أي موضوع يهمك
تعرفوا معنا في مخزن على حكم ترك صلاة التراويح وهل من يفرط في أدائها يكون بذلك آثم أم لا، حيث يعد ذلك التسائل يتردد كثيراً من قبل المسلمين مع اقتراب شهر رمضان الفضيل، فهو حكم شرعي هام، وينبغي على كل مسلم أن يكون عالماً بأحكام شريعته لا يقع بالإثم نتيجة جهله لها، وخاصةً الأحكام الفقهية والشرعية ذات الصلة بشهر رمضان الفضيل وما يتضمنه من صلوات وعبادات.
ولقد أتى رأي علماء المسلمين بالإجماع أن صلاة التراوح ليست واجبة ولكنها سنة مؤكدة ويستحب القيام بها، ولكنها ليست فرضاً أو لزاماً على المسلمين، ولا يقع على تاركها لا حرج ولا إثم، حتى إن كان تركه لها عن عمد، في حين أن من يفرط بها فقد فرط في ثواب وأجر كبير لأنها من أسباب الغفران والرحمة بالشهر الفضيل.
صلاة التراويح في اللغة: هي جمع لكلمة ترويحة وهي ما يعني ما يتم أخذه من استراحة قليلة وبسيطة، ويرجع السبب في اختيار ذلك الاسم لصلاة التراويح في الشريعة الإسلامية إلى أن الصحابة الأجلاء كانوا يصلون ركعاتها مثنى مثنى، بمعنى أنهم كانوا عقب كل ركعتين يسلمون.
وتعتبر صلاة التراويح في شهر رمضان هي صلاة قيام الليل، وقد ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال “صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ”
صلاة التراويح في الاصطلاح: هي صلاة قيام الليل في غير أيام شهر رمضان الفضيل، ولمن يقوم بأدائها أجر وثواب عظيم، فمن يلتزم بأدائها يغفر الله جل وعلا له ما تقدم من ذنوبه، وفي ذلك قال النبي صلى اللع عليه وسلم “مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
إن ما توصل إليه الفقهاء بالإجماع أن صلاة التراويح ليست فرض أو واجب ولكنها من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي لا ينبغي على أي مسلم تركها، ويستدل على أنها من السنن المؤكدة ما ورد في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها:
“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها”.
نعرض لكم فيما يلي رأي المذاهب الأربعة الإسلامية في حكم صلاة الترويح:
- المذهب الحنفي: يرى الأحناف أن صلاة التراويح سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد استدلوا في ذلك على أن الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام كانوا يصلونها ويلتزمون بها.
- المذهب الحنبلي: ذهب الحنابلة في قولهم عن صلاة التراويح أنها سنة مؤكدة سنها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
- المذهب المالكي: ذهب المالكية في قولهم حول صلاة التراويح أنها مندوبة نُدباً مُؤكّداً، وقد ذهبوا في ذلك إلى أن هذا الحكم يسري على كل من النساء والرجال.
- المذهب الشافعي: يرى اتباع المذهب الشافعي أن حكم صلاة التراويح هو السنة المؤكدة عن الرسول عليه صلوات الله وسلامه.
إن صلاة التراويح مشروعة بإجماع فقهاء المسلمين، ولم يتم إنكارها من قبل أحدهم أبداً على المسلمين، وفي أغلب الأقوال فقد شرعت صلاة التراويح في الأعوام الأخيرة للهجرة قبل وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو ما ورد به قول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في حديثها الذي يستدل منه العلماء على مشروعية التراويح:
“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم. قالَ: وَذلكَ في رَمَضَانَ”.
ذكر فقهاء الدين الإسلامي أن صلاة التراويح بالمسجد في جماعة مع المسلمين أفضل وأكبر فضلاً وثواباً من أن يؤديها المسلم منفرداً، ويستدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم بجمع الناس في شهر رمضان الفضيل ويقوم بصلاة التراويح وهو إماماً لهم في المسجد، ولكنه امتنع عن الاستمرار في ذلك لخشيته من أن يعتقد المسلمين أنها فريضة، وهو ما يدل على أن أداء صلاة التراويح في المسجد جماعة هو أفضل.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي التراويح في المسجد جماعة، كما صلاها في البيت كذلك لخشيته من اعتقاد المسلمين أن أدائها بالمنزل في جماعة فريضة، مما يدل على أنه من الجائز أدائها في المنزل ولكن الأفضل صلاتها في المسجد.
ومن السنة أن يتم صلاتها مثنى مثنى مع التسليم بين كل ركعتين قدر ما استطاع المسلم أن يصلي، وهو الأمر ذاته في صلاة قيام الليل التي ورد عنها حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى”.
ويتم في كل ركعة منها قراءة الفاتحة يتبعها من القرآن ما تيسر منه حيث لا يوجد قدر محدد ينبغي على المسلم قراءته في صلاة التراويح وإن كان المستحب قراءة القرآن كاملاً، ويذكر في ذلك الصدد أن من الأمور المندوبة القراءة الجهرية للقرآن الكريم في بصلاة التراويح في شهر رمضان، أما أقل عدد ركعات يمكن صلاتها في التراويح فهي أثنان ثم الوتر، لأنه يتم صلاتها مثنى مثنى، ولكن الأفضل والأكثر ثواباً التوسع في عدد ما يتم أدائه من ركعات.
إن الإكثار من الدعاء في صلاة التراويح هو أمر مستحب وعلى كل مسلم أن يتمسك به حيث يدعوا لنفسه وأهله وللمسلمين أجمعين بما فيه الخير لهم، وهناك دعاء شامل جامع يفضل أن يتم قوله في صلاة التراويح وهو دعاء القنوت الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو:
“اللهم أهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا في من توليت، وبارك لنا فيما أعطيت وقنا وأصرف عنا برحمتك شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت لك الحمد على ماقضيت ولك الشكر على ما أعطيت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك، اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أبقيتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا”.
يوجد الكثير من الأدلة في السنة النبوية المطهرة تدل على مدى أهمية صلاة التراويح وفضلها وفيما يلي ذكر بعضها:
- ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن فِعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ”.
- عن أبي ذرٍّ الغفاريّ قال: قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام: “أنه مَن قام معَ الإمامِ حتى ينصرفَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ”.
وبذلك نكون قد تعرفنا في مخزن على حكم ترك صلاة التراويح والجواب حول ما إذا كان تاركها عن عمد أو غير عمد هم مذنب أم أنه غير كذلك، وهي سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأثم تاركها ولكن ينل فاعلها الثواب والأجر والمغفرة من الرحمن، وللاطلاع على المزيد من المعلومات يمكنكم زيارة مقالنا التالي: