الزواج هو رباط مقدس بين شخصين، وهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويفسر عن هذا الزواج الأطفال الذين ينضجون ليصبحوا شباب الأمة، لذا فإنه الأساس في بناء الأمم الإسلامية وقوتها فإذا فسد فسد جزء من الأمة وإذا صلح صلحت الأمة، لذا فمن المهم الإلمام بأهمية هذا الرباط واستيعاب مبدأه وأساسه، من الطبيعي أن تحدث العديد من المشاكل والمشاحنات بين الأزواج ولكن يجب ألا يتخلى أحد الطرفين عن الاحترام والرحمة حتى في الخلاف، ولهذا فمن خلال موقع مخزن سنقوم بتسليط الضوء حول حكم المرأة التي تعاير زوجها عبر الفقرات التالية.
من الطبيعي أن تحدث العديد من المشاحنات في الحياة الزوجية، ولكن يجب أن يسهل الأمر ويمر سريعًا إذا كان الزوجين متفاهمين وبينهما مودة ورحمة، وفي بعض الحالات تبدأ المرأة برفع صوتها وسب الزوج وقول حديث لا يجوز قوله من معايرة وقول ما لا يثر وتعود للندم بعدها، وهذا ما يدعونا لعرض حكم المرأة التي تعاير زوجها في النقاط التالية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن قيس بن سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها).
السجود من أعظم العبادات التي لا يقوم بها الإنسان لأحد إلا لله عز وجل، وفي هذا الحديث أصاب قيس بن سعد رضي الله عنه الحيرة من أناس يقومون بالسجود لفارس شجاع تعظيمًا وتفضيلًا له وأشار إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهذا السجود.
فذهب قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص عليه ما رأى مشيرًا إلى أن لو السجود لغير الله متاح فالرسول أولى به فأجابه صلى الله عليه وسلم: (أرأيتَ لو مَررتَ بِقَبري أكنتَ تسجدُ لَه؟) واستخدم صلى الله عليه وسلم هذا التشبيه لأنه الأكثر استخدامًا بين الناس فأجابه قيس بالنفي.
عندها أجابه صلى الله عليه وسلم بالحديث الذي ذكرناه سابقًا، وفي هذا الحديث تعظيم واضح لحقوق الزوج وحث صريح على عدم عصيانه، ولهذا فإنه لا يجوز للمرأة أن تعاير زوجها أو تسبه لأي سبب من الأسباب.
مع الإشارة إلى ضرورة معاملة الزوج لزوجته بطريقة حسنة وبمودة وأن يستمع لها ويتفاهم معها بهدوء، وأن يستوصي بها حسنًا كما وصى صلى الله عليه وسلم.
حكم الدين في المرأة التي لا تسمع كلام زوجها
أتت العديد من الأحاديث والآيات القرآنية التي تحث على المودة والرحمة والتعامل بود بين الزوجين، ومن ضمن الأحاديث الصحيحة الواردة عن عصيان الزوج وعقوقه برواية من معاذ بن جب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تؤذِي امرأةٌ زوجَها في الدنيا ؛ إلا قالت زوجتُه من الحورِ العِينِ : لا تؤذيه قاتلكِ اللهُ ! فإنما هو عندكِ دخيلٌ، يوشِكُ أن يُفارِقَكِ إلينا).
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الحرص على تعليم المسلمين تعاليم دينهم السمحة التي تجعلهم يعيشون حياة هانئة سليمة عابدين للرحمان، وكان صلى الله عليه وسلم دائم الحرص على تحذير النساء من إغضاب أزواجهن، وهذا لما يعود عليهم في الآخرة من عقاب بسبب عدم حفظهن للعشرة.
كما أن الملائكة غالبًا ما تلعن المرأة التي تعصي زوجها، وكان صلى الله عليه وسلم دائم التذكير بالحور العين، وعندما تبدأ المرأة في عصيان زوجها المؤمن ومشاحنته بطريقة تسيء إلى النفس ولا يتحملها إلا وأشارت زوجته من الحور العين أي من أهل الجنة: لعنكِ الله.
غالبًا ما تدعو عليها من غضبها فحسب دون مقصد تنفيذ الأمر، وهذا لأنه ضيف في الدنيا سيتركها ويعود إليها في جنان الخلد، والحور العين من نعيم الجنة للرجال الصالحين.
في هذا الحديث ترهيب صريح وواضح ونهي عن عصيان الزوج ووجوب طاعته، ولهذا فلا يجوز عدم إطاعة الزوج وعصيان كلامه وأوامره فيما لا يغضب الله ويخالف شرعه.
حكم سب الزوجة لأم زوجها
حكم سب الزوجة لأم زوجها
بعد الإشارة إلى حكم المرأة التي تعاير زوجها فيتساءل البعض على حكم المرأة التي تسب والدة زوجها أيضًا، مع الإشارة إلى أن احترام والدة الزوج من احترام الزوج نفسه فكيف لا يتم احترامها وهي التي جلبت الزوج إلى الحياة وربته وحرصت على إنشاءه بأفضل طريقة ممكنة!
لهذا فإن المرأة التي تهين أم زوجها وتسبها ترتكب إثمًا عظيمًا والأمر غير جائز، والسب عامةً من الأمور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
لهذا فمن تقوم بهذا الفعل عليها أن تتوب إلى الله عز وجل وتعود عن أمرها هذا، وتعتذر عما بدر منها، وعلى الزوج أن يتحدث مع زوجته بهدوء وتمعن بهذا الأمر فرضى والدته من رضى الله عز وجل.
أما الحل مع النساء التي تسب وتعاير الزوج أو والدته هو التحلي بالصبر وتجنب صنع المشاكل معهن، والاتفاق والتفاهم مع التغاضي عن الهفوات والبدء في التودد بالأفعال والأقوال الرقيقة.
اختيار الأزواج وفقًا للإسلام
اختيار الأزواج وفقًا للإسلام
تجنبًا لما سبق ذكره فيجب من البداية اختيار الأزواج وفق بعض المعايير الأساسية التي حددها الدين الإسلامي سواء للرجل أو المرأة، فخير متاع الدنيا للرجل زوجة صالحة، والأساس في اختيار الأزواج هو الدين والخلق، ولا يجب التفريط في واحد من هذين.
أساس اختيار الزوج أو الزوجة يجب أن يكون قائم على الدين، فاختيار المرأة ذات الدين والخلق الحميد هو ما يعين الرجل على دنياه وأمور دينه، وهي التي يأتمنها على عرضه وماله وبيته دون قلق أو خوف.
كما أن ذات الدين هي التي تحافظ على كرامة زوجها فلا تسب أو تعصي فيبدأ بالسكن إليها والراحة بجوارها، وتظهر بينهم العديد من مشاعر المودة والرحمة.
فلا يجب الاختيار وفقًا للمال والحسب بل يكون الاختيار وفقًا للدين والخلق إذا تواجد القبول، وكذلك الأمور للمرأة فعليها أن تظفر بالمتدين ذا الخلق الحميد الذي يعلم كيف يتقي الله بها، ويريح قلبها ويشعرها بالحب والأمان والمودة.
مع الإشارة إلى أن المودة هي أعلى درجات الحب، فالحب ينقس ويزيد مع مرور الأيام والمشاحنات والمشاكل التي تواجه الزوجين فتأتي المودة والتفاهم والسكينة بدلًا من الحب تساعدهم على تخطي كافة المشاكل والآلام المواجهة لهم بحياتهم.
من الأمور المهمة أيضًا في اختيار الأزواج هو الحسب والأصل، فيجب أن يكون الزوج أو الزوجة من بيت يعرف مبادئ الدين والصلاح فعلى هذا الأساس ينشأ الأطفال.
من المهم الإشارة أيضًا إلى أن اختيار الزوجة أو الزوج لا يجب أن يكون قائم على الحب فحسب، ويجب أن يكون هذا القرار بالعقل أكثر من كونه بالقلب، ومن المهم الإلمام بأهمية الزواج والغرض منه فالغرض من الزواج الشعور بالسكينة.
السكينة هي اطمئنان القلب والاستقرار وهي ما ينزله الله عز وجل في قلب العبد فيمنع عنه الخوف والقلق، ولهذا يجب أن يكون الرجل سكن لزوجته يشعرها دائمًا بالأمان والحب والمودة وتكون المرأة هي سكن زوجها، والزواج ليس من أجل انتصار أحج الطرفين بل هو علاقة تفاهم بين طرفين الغرض منها إنشاء بيت مسلم يرفع الأمة الإسلامية.
من هذا المنطلق نكون وصلنا إلى نهاية موضوعنا بعد أن وضحنا حكم المرأة التي تعاير زوجها والتي تسب والدة زوجها، مع الإشارة إلى كيفية اختيار الأزواج في الإسلام وإظهار مدى أهمية هذا الرباط الغليظ بين الطرفين عبر الفقرات السابقة.
