حرص نبي الله صلى الله عليه وسلم على إعداد الصحابة على مكارم الأخلاق، كما حرص صلى الله عليه وسلم على إظهارها في السنة النبوية، ومن ضمن هذه الصفات إفشاء السلام، وهو الأمر الذي يدفع العديد من الأشخاص إلى التساؤل حول حكم افشاء السلام ، وهذا ما سنقوم بإيضاحه من خلال موقع مخزن في الفقرات الآتية.
تحية الإسلام هي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، والسلام من المسببات في البركة وزيادة الخير ونشر المودة بين الأفراد، وغالبًا ما تكون التحية هي سبب في دخول العبد إلى الجنة.
اتفق جمهور العلماء على أن السلام سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما للمنفرد فالسلام هو سنة عين.
وللجماعة فهو سنة كفاية.
الرد على تحية الإسلام فرض بإجماع من العلماء أجمعين.
وفقًا لما قاله النووي: فجواب السلام فرض، وإذا تم إلقاء السلام على جماعة ورد منهم واحد جزا عن البقية.
كما بين النووي ضرورة الرد على السلام بصوت مرتفع يسمعه ملقي السلام.
يندرج حكم السلام ضمن السنن المؤكدة ما لم يكن تركه هجرًا، وإن كان هجرًا فيكون فرضًا واجبًا وهذا لما جاء من رأي لابن عثيمين.
يقع الحكم بهجر السلام عند تركه لمدة تزيد عن ثلاثة أيام، أي عند الالتقاء بأحد ما وعدم إلقاء السلام لثلاث مرات متتالية.
حكم السلام بصوت مرتفع عند دخول المسجد
السلام هو تحية المسلمين بشكل عام، كما أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى من يدخل مكان به مجموعة من الناس وخاصة المسجد أن يلقى السلام على المتواجدين.
تكون التحية على المصلين بقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولكن دون إحداث ضجة.
أما إذا كان الفرد مصلى فيمكنه الإشارة بوضع يديه على صدره فحسب، ومن لا يصلى يرد التحية بقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وهذا الأمر لا بأس به، بل هو مشورع ومستحب، ولكن مخالفة هذا الرأي يعد خلاف مع السنة النبوية، فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا). [النساء:86].
فإذا قال الفرد السلام عليكم، سيكون من الرائع الرد عليه بالتحية كاملة (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته).
المهم في هذا الأمر هو ألا يكون إلقاء السلام مزاعجًا لفرد من المصلين أو يشغلهم عن العبادة
حكم عدم رد السلام على الظالم
يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف في صحيح البخاري : (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، ومن حق المسلم على أخيه أن يبدأ لقائه بالسلام، وبالأخص المتهاجرين أو المتخاصمين.
أما في حالة الظلم فيجوز على المظلوم الدعاء على من ظلمه وتكون الدعوة مجابة ، ومع هذا فالعفو عند المقدرة يكون الأفضل، ولا يجب أن تتعدى الدعوة مقدار الظلم.
أما عن رد السلام فهو من السنن مؤكدة وليس بواجب لدى جموع العلماء، ولكن يمكن أن يكون المقصود بعدم رد التحية هنا هو الهجران وهو من الأمور المكروهة في الإسلام، فليس على المؤمن هجر أخوه لثلاثة أيام متتالية.
لكن أجاز بعض العلماء هجر من يضر الفرد في دينه أو دنياه، وعدم رد السلام عليه.
كما أنه لا بأس في هجران الظالم إذا تمادى في ظلمه واستمر عليه بالرغم من نصحه.
دليل من السنة النبوية على إفشاء السلام
السنة النبوية منهاج لكافة المؤمنين، فعندما وصل صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، ذهب البعض قبله وأخبروا أهل المدينة عن وصوله صلى الله عليه وسلم، وأول ما قاله النبي صلى الهل عليه وسلم بمجرد الوصول إلى المدينة المنورة:
(يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ) وهذا لما جاء في رواية عبد الله بن سلام محدثًا من الالباني وصححه بن ماجه.
المعنى هنا يشير إلى أهم مقومات الأمة وأساسها وأساس رفعتها، فيأمر الرسول صلى عليه وسلم المؤمنين بإكثار السلام فيما بينهم، والسلام هو اسم من أسماء الله الحسنى.
يعتبر السلام والإكثار منه بين الناس دليل على المحبة، وهو تحية الأمة الإسلامية، والسلام خالص لله عز وجل.
كما أمر صلى الله عليه وسلم المؤمنين بإطعام الطعام أي التصدق به وإعطائه للفقراء والمساكين وأصحاب الحاجة، أو حتى ضيافة الأهل والأصدقاء بالطعام.
أما المقصود بصلوا الأرحام أي زيارة الأقرباء واستمرار الوصول بينهم سواء الأقرباء من جهة الأم أو الأب.
في نهاية الحديث الشريف يوصي النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالصلاة وقيام الليل في أوقات الراحة عنما يكون الجميع نيام.
بتنفيذ هذه الوصايا يتمكن الإنسان من دخول الجنة بسلام، ومن هنا نتمكن من الإلمام بأهمية إفشاء السلام بين المسلمين.
هل يأثم من لم يرد السلام؟
ما جاء عن ابن الباز فإن إلقاء السلام سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم والرد عليه واجب، وإذا ما تم تجاهل السلام فالفرد يقع في الإثم.
تتفق أغلب الأراء مع ابن الباز ويضاف عليه بأنه من المهم ألا يسلم الإنسان سلامًا خفيًا أي لا يسمعه سواء نفسه، لأنه في بعض الأحيان لا يتمكن الآخرين من السماع.
في هذه الحالة لا يأثم من لا يرد السلام.
حكم إلقاء ورد السلام للنساء
هل يجوز للرجل أن يلقي السلام على امرأة ليست من محارمه والعكس؟ يتبادر هذا السؤال إلى أذهان الكثيرين في أوقات ومواقف متفرقة ويمكن أن تتضح إجابته بشكل تفصيلي في النقاط التالية:
أمر الله عز وجل ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام كما اتضح لنا في حكم إفشاء السلام سابقًا.
وإفشاء السلام هنا جاء عامًا ولم يتم تخصيص فئة معينة من رجال إلى رجال أو نساء إلى نساء وغيرها.
لكن التعامل بين المحارم له بعض الأحكام الخاصة، ولا بأس أن يلقى الفرد على مرأة أجنبية عنه السلام بالقول دون المصافحة إذا كانت عجوز ولكن من الأفضل ألا يتم التعامل بين الرجل والمرأة الشابة الأجنبية عنه.
وهذا لما في الأمر من فتنة قد تصيب القلوب.
هذا ما يتفق عليه أيضًا الإمام مالك، فعندما سئل عن الأمر، قال بأنه لا بأس في حالة العجوز.
أما في كتاب الأذكار للنووي فجاء فيما معناه أن تعامل المرأة مع المرأة لا بأس به وهو كتعامل الرجل مع الرجل، وأما تعامل الرجل مع المرأة فإذا كانت من محارمه فالتعامل معها لا بأس به، ويتسحين لكل منهما إلقاء السلام ورده.
أما إذا كانت أجنبية عنه، وإذا كانت الفتاة جميلة الملامح والمظر بحيث يخشى الرجل الافتتان بها فلا يسلم عليها، وإذا ألقى السلام فلا يجب عليها الرد، وإن ألقت هي السلام أولًا فلا يجيب عليها والإجابة هنا تقع تحت بند الكره.
أما إذا كانت عجوز لا تسبب فتنة فلا بأس من إلقاء السلام والرد عليه.
بهذا نكون قد وضحنا حكم افشاء السلامبشكل يسير وسهل من خلال الاستعانة بالأحاديث النبوية الشريفة في الفقرات السابقة لهذا الموضوع.
يمكنكم الاطلاع على بعض المواضيع المشابهة من خلال موقع مخزن مثل الآتي: