جرت معركة وادي الصفراء في عام 1812، وهي واحدة من أهم المعارك التاريخية في تاريخ المملكة السعودية، وقد وقعت هذه المعركة في وادي الصفراء بين مدينة وينبع في منطقة الخيف، المعركة جمعت بين القوات التابعة للدولة السعودية الأولى، بقيادة الأمير عبد الله بن سعود، وقوات ولاية مصر العثمانية بقيادة طوسون باشا، تعتبر هذه المعركة واحدة من المعارك الفارقة في تاريخ المملكة السعودية، ونحن في هذا المقال عبر موقع مخزن سوف نساعدكم في التعرف على هذه المعركة أكثر.
جرت معركة وادي الصفراء في عام 1812 م بين قوات ولاية مصر العثمانية، التي كانت بقيادة طوسون باشا، وقوات الدولة السعودية الأولى قرب وادي الصفراء، الواقع بين المدينة المنورة ومدينة ينبع، حيث:
قامت قوات طوسون باشا بزحفها على وادي الصفراء بقوة تبلغ ثمانية آلاف جندي.
هاجم الجنود المكان وتقدموا بشجاعة، ولكنهم واجهوا معارضة شديدة من جانب القوات الوهابية التي كانت تتحصن في الموقع تحت إشراف القائد علي.
نتج عن هذا الهجوم قصفًا عنيفًا استهدف الجنود العثمانيين، وتسبب في خسائر كبيرة بين صفوفهم.
تدهورت الأوضاع وانهارت الصفوف العثمانية، واندلع الذعر في صفوفهم. نتيجة لهذه الفوضى، تأثر نظام الجيش العثماني وواجهوا هزيمة مدمرة، حيث تشتت الجنود وتركوا معداتهم ومدافعهم. لجأوا إلى الانسحاب باتجاه الساحل وسط حالة من الرعب والهروب.
أحداث معركة وادي الصفراء
بعد وصول قوات “طوسون باشا” بالقرب من جبل الصفراء، قاموا بنصب خيامهم وأعدوا خيولهم، ثم تقدموا نحو المتراسات الأولى وشنوا هجومًا عليها. استمرت المعركة حول المتراسات الأولى حتى استولوا عليها، ثم هاجموا المتراسات الثانية، وبعد أن سيطروا على هذه المتراسات، دخلوا إلى عمق الوادي حيث:
تقدم عثمان بن عبد الرحمن المضايفي وأتباعه من سكان الحجاز، وقاموا بإلقاء الأسلحة على قوات طوسون باشا من أعلى الجبل. بعض قوات طوسون باشا انحرفت نحو الجانب الأيمن للجبل وواجهت القوات المرابطة هناك.
عندما تراجعت قوات طوسون باشا نحو أسفل الوادي، استمرت المعركة، وخلال هذا الوقت، انضمت قوات عبد الله ابن الإمام سعود إلى القتال وتحركوا خلف قوات طوسون باشا في الوادي. قادوا هجومًا ناجحًا وألحقوا خسائر كبيرة بقوات طوسون باشا، هذا اليوم كان اليوم الثالث والأخير في معركة وادي الصفراء.
كانت الواقعة تمثل هزيمة ضخمة حيث فقد الجيش المصري نحو ستمائة جندي، وتضررت معظم مدافعهم وذخيرتهم ومعداتهم. بالإضافة إلى ذلك، عانى الجيش العثماني من فقدان عدد كبير من القتلى والجرحى أثناء الانسحاب من وادي الصفراء إلى ينبع. في الواقع، لم يبقَ من الجيش سوى ثلاثة آلاف جندي تقريبًا بعد الهجوم.
في حالة أن القوات الوهابية التي دافعت عن وادي الصفراء كانت أكثر عددًا وخبرة في فنون القتال، فإنهم كانوا قادرين على متابعة قوات طوسون باشا بعد الهزيمة وربما لا تترك لهم فرصة للنجاة.
بعد الهزيمة، بلغ طوسون باشا نبأ هذا الانكسار إلى والده وأساء إلى أمراء جيشه واتهمهم بالفشل والتقصير.
بناءً على طلب طوسون، أرسل محم علي باشا استدعاءً لرؤساء الجيش المسؤولين عن هذا الخسارة، تعرض بعضهم للطرد من مواقعهم ونفى من مصر.
وبالرغم من هذه الهزيمة الفادحة، لم يتراجع محمد علي باشا أو يفقد عزيمته، بالعكس، قابل هذه الخسارة بقوة واستمر في الاستعداد لإرسال حملة عسكرية جديدة إلى الحجاز و تقديم الضرائب الجديدة أصبح ضروريا لتغطية نفقات هذه الحملة، وتم تحصيلها من السكان المحليين والفلاحين، لتخفيف الأعباء عن الفلاحين، سُمح لهم بدفع الضرائب من محصول الزرع، وهذا المحصول تم استخدامه لتزويد الجيش المصري في الحجاز.
موقف طوسون باشا
بعد انتصارهم في معركة وادي الصفراء، قرر الوهابيون ترك مدينتهم وتركيز جهودهم على تحصين المدينة بدلاً من شن هجوم على طوسون باشا في مدينة ينبع، استغل طوسون باشا هذه الفرصة وقرر الانتظار لفترة حينما أرسل للمساعدة من مصر. قام بتقديم هدايا ومكافآت مالية للقبائل السكنية بين ينبع والمدينة بهدف تحالفهم معه ضد الوهابيين.
طوسون باشا شعر بأن هذه الاستراتيجية هي الوسيلة الأنسب له للتغلب على الوهابيين والفوز في معارك مستقبلية. وقد نجحت جهوده في هذا الصدد. حيث قام محمد علي باشا بإرسال صناديق تحتوي على أموال وهدايا لترتيبات قبائلية، مما سهل له الطريق نحو الاستيلاء على المدينة ومكة.
احتلال الصفراء
بعد استقباله للمدد انطلق طوسون باشا نحو المدينة. انضم إليه العديد من القبائل من قبيلة جهينة وحرب، واستولوا على مدينة الصفراء دون مواجهة كبيرة بفضل دعم العرب الموالين له. وفقًا لما ذكره الجبرتي: “في الـ 24 من شهر رمضان سنة 1227 هجريًا (الموافق الأول من أكتوبر سنة 1812)، وصلت أنباء عن سيطرة الأتراك على منطقة الصفراء والجديدة دون وقوع معركة، بل من خلال محاولات التصالح والاتفاق مع العرب المحليين وبتنسيق مع الشريف مكة، ولم يجد الوهابيون أحدًا عندما وصل هؤلاء الغزاة، وفور ورود هذه الأخبار، قاموا بتفكيك العديد من المدافع في تلك الليلة من داخل القلعة.
تفاصيل المعركة
يوضح هذا الجدول تفاصيل المتحاربين وعناصر القوى ومدى الخسائر:
المتحاربون
الدولة العثمانية (المصريون)
الدولة السعودية الأولى
الزعماء والقادة
محمد علي باشا
سعود الكبير
طوسون باشا
هادي بن قرملة
مسعود بن مضيان
جابر بن جباره
دحيم بن بصيص
القوى
8,000
10,000
الخسائر والضحايا
5,000 قتيل
600 قتيل
نتائج معركة وادي الصفراء
خلال المعركة، حدثت سلسلة من الأحداث الهامة التي أدت إلى النتيجة النهائية للصراع:
عندما هُزمت القوات العثمانية الأولى في الصفوف الأولى من المعركة، انهزمت وانقلبت الصفوف الخلفية للجيش. هذا الفوضى في الجيش أدى إلى ترك الجنود معظم معداتهم العسكرية وممتلكاتهم وتراجعوا نحو السفن على الساحل.
عقب عودة الجيش إلى ميناء ينبع، انحصر عدد الناجين من الجيش المصري في حدود ثلاثة آلاف جندي فقط. لو أن الوهابيين الذين دافعوا عن وادي الصفراء كانوا أكثر خبرة في فنون الحرب وعددهم أكبر، لكانوا قادرين على ملاحقة الجيش العثماني بعد هزيمته، مما كان قد يؤدي إلى تحقيق هزيمة كاملة للجيش المصري.
طلب طوسون باشا الدعم من مصر بعد هذه الهزيمة، ونسب الفشل لتقصير واختلاف قادة الجيش. وطلب المساعدة لسد الفجوات والثغرات في صفوف الجيش. هذا الخبر أثر بشكل كبير على محمد علي باشا، الذي كان قلقًا جدًا بسبب هذه الهزيمة وحجم الخسائر التي مني بها الجيش المصري.
بعد الهزيمة في معركة وادي الصفراء، استدعى محمد علي باشا القادة والمسؤولين في الجيش للاستجواب. بعضهم عاد إلى مصر بمفردهم، واجتمعوا بهم وعبر عن غضبه، حيث قام بإقالتهم من مواقعهم وطردهم من البلاد. وكان من ضمن هؤلاء القادة رئيس الجند صالح قوش، الذي كان له دور كبير في مذبحة القلعة للمماليك.
ومع ذلك، لم تؤثر هذه الهزيمة في عزيمة محمد علي باشا، بل بقي ثابتًا وقويًا، وقام بالاستعداد لإرسال حملة عسكرية جديدة إلى الحجاز. يُقال أنه “لم يتزلزل الباشا واستمر في تجهيز المزيد من القوات”.
لتمويل هذه الحملة الجديدة، جمع محمد علي باشا الأموال من خلال فرض ضرائب جديدة على السكان واستخلاصات من القرى المصرية. وبالرغم من أن الفلاحين كانوا يعيشون ظروفًا صعبة وفاقة، سمح لهم محمد علي بأن يدفعوا هذه الضرائب من محاصيلهم، مما ساهم في تأمين الاحتياجات اللازمة للجيش في الحجاز.