ابحث عن أي موضوع يهمك
بيت المقدس له مكانة عظيمة لدى المسلمين، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهو ثالث المساجد التي يشتد إليها الرحال، وترجع أهميته لأنه كان مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحتوي بيت المسجد على قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وبيت المقدس مكان نبوة سيدنا يوشع بن نون وفي مخزن سنتعرف على الكثير من التفاصيل عن النبي يوشع وعن بيت المقدس.
هو النبي يوشع بن نون بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم بقصة موسى والخضر، ونبوة يوشع بن نون عليه السلام متفق عليها لدى العلماء، وورد أن الله سبحانه وتعالى فتح بيت المقدس على يديه، وخصه بالعديد من الكرامات التي لم ينلها غيره من الأنبياء، ومنها حبس الشمس له، حيث لم يحبس الله الشمس لغيره من البشر، وذلك حين سار إلى بيت المقدس ليالي طويلة.
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في كتابه الذي يحمل عنوان (البداية والنهاية)، وحين استقرت على القدس يد بني إسرائيل، استمروا به ونبي الله يوشع بين أظهرهم يحكم بينهم بالتوراة كتاب الله، إلى أن قبضه الله سبحانه إليه، عندما كان بعمر المئة سبع وعشرين عامًا، حيث عاش بعد نبي الله موسى بسبع وعشرين عامًا.
هو أحد الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى لبني إسرائيل، وهو خادم نبي الله موسى عليه السلام وفتاه، وقد ولد في مصر، وحكم في بني إسرائيل، وهو من تسلم أمر بني إسرائيل عقب موت موسى عليه السلام، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم ولكن لم يرد ذكر اسمه صراحةً، وذلك في قول الله تعالى في سورة الكهف الآية 60، 63 (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا،فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا، قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)، فهو العبد الصالح الذي ارتحل نبي الله موسى إليه.
حين توفي موسى عليه السلام تولى الأمر من بعده النبي يوشع بن نون عليه السلام، وأقام بالتيه بهم ثلاث أيام، ثم خرج من التيه بهم واتجه إلى فلسطين، وبمكان يدعى الشريعة نزل بغور الأردن، وحينما لم يتمكنوا من العبور إلى فلسطين، ثم أمر حاملي صناديق الألواح بالنزول إلى طرف الشريعة، وحينها انكشفت لهم الأرض وتوقفت عن الجريان إلى أن عبر يوشع ومن معه من بني إسرائيل الطريق، ثم رجعت الأرض مثلما كانت عليه من قبل.
ثم اتجهوا إلى مدينة أريحها، وحاصرها يوشع ومن معه من بيني إسرائيل وأمرهم بالدوران سبع مرات حولها، والنفخ بالقرون لتصدر الأصوات، وحين فعلوا ذلك سقطت أسوار مدينة أريحا، فدخلوها وقاتلوا أهلها بالسيف، ثم اتجه يوشع ومن معه لمدينة طرابلس ونجحوا في دخولها، وملك بلاد الشام، وأمر عماله بالانتشار في كل صوب وحدب بها، واستمر يوشع بن نون يدبر شؤون بني إسرائيل بعد وفاة نبي الله موسى عليه السلام حوالي سبع أو ثماني وعشرين عامًا.
وكان يوشع قد قسم ما ملكه من أرض بين قبائل بني إسرائيل، وترك العديد من المدن على الشاطئ الأيسر والأيمن، لتصبح ملجًا للمشردين والمذنبين، وكان دائم الدعوة لقومه لعبادة الله الواحد، وقد توفي يوشع بن نون حين بلغ من العمر ما يزيد عن المئة عام، ودفن بمكان حكمه وملكه.
يعتبر المسجد الأقصى ثاني المساجد التي وضعت على الأرض، وهو ما ورد في رواية عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه حيث قال ((قُلتُ يا رَسولَ اللهِ، : أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، وأَيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهو مَسْجِدٌ).
وفي ذلك تعددت الأقوال التي تدل على أول من قام ببناء المسجد الأقصى، فقال البعض أن من بنى المسجد الأقصى هو نبي الله آدم عليه السلام، وفي رواية أخرى قيل سام بن نوح، وورد أن المسجد الأقصى بني على يد يعقوب ابن اسحاق عليه السلام، وقد قيل أن الملائكة هي من بنته، وفيما بعد تم تجديده على آدم عليه السلام، يليه سام، ثم يعقوب عليه السلام.
المسجد الأقصى هو بيت المقدس، فلا فرق بينهم، وهو ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أطلق اسم بيت المقدس وكان يريد المسجد الأقصى بها، وهو ما روي في صحيح البخاري بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك فإن المسجد الأقصى هو بيت المقدس نفسه، وكذلك فإن المسجد الحرام هو ما يطلق عليه البيت العتيق.
وقد كان ولا زال لبيت المقدس مكانة عظيمة في الإسلام منذ بنائه، وهو من أسرى الله سبحانه نبيه من المسجد الحرام في مكة المكرمة، إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، والسبب في تسميته بالمسجد الأقصى المسافة الكبيرة الفاصلة بينه وبين المسجد الحرام، وبالقدس دفن العديد من كبار الصحابة والتابعين والأولياء.
إن معجزة وحبس الشمس وردت بحديث صحيح روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (غَزا نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ، فقالَ لِقَوْمِهِ: لا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وهو يُرِيدُ أنْ يَبْنِيَ بها، ولَمَّا يَبْنِ، ولا آخَرُ قدْ بَنَى بُنْيانًا، ولَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَها، ولا آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا، أوْ خَلِفاتٍ، وهو مُنْتَظِرٌ وِلادَها، قالَ: فَغَزا فأدْنَى لِلْقَرْيَةِ حِينَ صَلاةِ العَصْرِ، أوْ قَرِيبًا مِن ذلكَ، فقالَ لِلشَّمْسِ: أنْتِ مَأْمُورَةٌ، وأنا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ، احْبِسْها عَلَيَّ شيئًا، فَحُبِسَتْ عليه حتَّى فَتَحَ اللهُ عليه)
وفي حديث شريف ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن النبي المقصود في الحديث السابق هو يوشع بن نون عليه السلام وهو ما قال فيه (ما حُبِسَتِ الشمسُ على بشَرٍ قطُّ، إلَّا على يوشَعَ بنِ نونٍ، ليالِيَ سارَ إلى البيتِ المُقَدَّسِ)، ويرجع السبب في حصول تلك المعجزة طلب يوشع عليه السلام من الله تعالى حبس الشمس إلى أن ينتهي من قتال الكنعانيين، حيث دار القتال يوم جمعة، وكان القتال محرم على بني إسرائيل في يوم السبت.
وعندها بقيت الشمس مستمرة بالظهور ولم تغرب إلى أن انتهى القتال، وتمكن يوشع ومن كان معه من بني إسرائيل بالدخول إلى بيت المقدس، وكان قد طالبهم بألا يقدم معه سوى الرجال ذوي الذهن الصافي للفتح وأمر القتال، دون أن يكونوا منشغلي البال بأي من أمور الدنيا فكتب الله النصر لهم.