حثّنا الدين الإسلامي الحنيف بالتحلي بالكثير من الأخلاقيات والصفات الطيبة ومن بينها الرفق، فالله ـ عز وجل ـ رحيم يُحب من عباده من يُرفق بالآخرين ويُحسن معاملتهم ويرحمهم، كما أن الرفق من السمات الأساسية التي تحلى بها الأنبياء والمُرسلين ممن أرسلهم الله لهداية عباده، حيثُ قال سبحانه في سورة البقرة (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
حيثُ تتجلى مظاهر الرفق في مختلف صفات الإنسان وسلوكياته في تعامله مع المحيطين به، فالرفق سمة طيبة يتحلى بها المسلم إيماناً منه بأهميته في صلاح المجتمع، وللمزيد من التفاصيل حول بحث عن الرفق تابعونا في السطور التالية من موقع مخزن المعلومات.
يُعد الرفق في المعاملة أحد السلوكيات الإسلامية السامية كما أنه من مكارم الأخلاق لدى المسلم، فالرفق سمة جميلة تتضمن لمن ينتهجها في حياته سلامة النفس وراحة الجسد وإيتاء الخير من جميع أبوابه، فالرفق من صفات الأنبياء التي يجب أن ينتهجها المرء في حياته، حيثُ كان النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينتهج الرفق في حياته ويقول عنه (مَا كَانَ في شيءٍ إلا زَانَه، وَمَا نُزِعَ مِنْ شيءٍ إلا شَانَه) ، فالإنسان في حياته أحوج ما يكون إلى اللين والرفق في التعامل مع من حوله قولاً وفعلاً.
مقدمة بحث عن الرفق
يُعد الرفق والليّن في التعامل هو أحد ثمار التدين الصحيح لأن به ينال المرء صفاء الصدر وسلامة الروح والعرض وراحة للجسم من الغضب والطاقة السلبية، وهذا الأمر هو ما يجب أن يكون عليه المرء المسلم الحق، فقد ورد عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ، إِنْ قِيدَ انْقَادَ، وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ “.
مفهوم الرفق والليّن
يُقصد بالرفق التحكم في رغبات النفس وهواها، وتحميلها على الصبر والتحمل، مع الكف عن مظاهر العنف والتعجّل، والكظم العظيم لما قد يلقاه المرء من تجاوز في القول أو الفعل.
فيُشير الرفق إلى لطافة الفعل وليّن الجانب وأخذ أيسر الأمور وأسهلها على نفس المرء، ليكون الرفق رأس الحكمة ودليلاً على قوة الشخصية وكمال العقل، فيكون الإنسان الرفيق قادراً قدرة كبيرة على ضبط تصرفاته تجاه الآخرين ويتمتع بقوة الإرادة واعتدال رؤيته للأمور ليكون الرفق من مظاهر الرشد والعقلانية.
مظاهر الرفق
تظهر مظاهر وأشكال الرفق المختلفة في الابتعاد عن إيذاء الآخرين وتمني الخير لهم، وتظهر في :
الرفق في التعامل مع الأطفال
يحتاج الأطفال في سنوات حياتهم الأولى إلى الرفق في التعامل والأسلوب الطيب والمعاملة اللينة، فعند معاملة الطفل باللين والحب والرفق به في القول والفعل سينشأ نشأةً سوية طيبة تجعله فرداً صالحاً في المجتمع، ولا يجوز أبداً التعامل مع الطفل بالشدة أو بقسوة أو تعنيفه.
كان خير الخلق محمد ليناً رفيقاً في تعامله مع الأطفال حيثُ كان يحملهم ويلعب معهم، كما كان أحفاده الحسن والحسين أبناء السيدة فاطمة يركبان على كتفه ويلعبان معه.
نهانا النبي عن ضرب الأطفال أو التعامل معهما بعنف، كما نهى عن ضرب الطفل على وجهه، فالأطفال يحتاجون إلى العطف واللين والرفق حتى ينشئوا أسوياء النفس ويكونوا أعضاء صالحين في المجتمع.
الرفق في التعامل مع الأهل
أمرنا الدين الإسلامي الحنيف بالبر بالوالدين وطاعتهما وأن لا يصدر منها أي قول أو فعل قد يُسبب لهم الضيق والحزن، فيُقصد بالرفق في معاملة الأهل المعاملة الطيبة والتحدث معهما بأدب واحترام وتجنب إثارة الحزن أو الضيق في نفسهم بتوجيه ما يسيئ إليهم من أقوال وأفعال، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز :(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)
كما يتضمن الرفق بالأهل المعاملة الطيبة مع الأخوة والأخوات والعائلة مما يُعزز الروابط الأسرية ويزيد من ترابط الأسرة ويعود بالتوحد والاندماج على المجتمع بأكمله.
فقد كان النبي محمد رفيقاً بزوجاته وبناته وأحفاده ويعاملهم بالمودة واللين، كما حثنا النبي على معاملة العاملين في المنزل معاملة طيبة وحسنة وعدم إيذائهم بالقول أو الفعل أو تحميلهم فوق ما تقدر عليه أنفسهم.
الرفق في الصبر على الأذى
يُقصد بالرفق في الصبر على الأذى أن يكون الإنسان قادراً على كظم غيظه وصابراً على تحمل الأذى الواقع عليه من الآخرين، فقد يتعرض الإنسان في الكثير من الأحيان إلى الضرر عبر تصرفات بعض الأشخاص، إلا أن العفو عند المقدرة والتسامح من صفات الإنسان الصبور الرفيق اللين، ويُحتسب أجره لقاء رفقه عند الله تعالى.
فالرفق والتسامح من صفات الأنبياء والمرسلين، فعندما جاء النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتمكن من فتح مكة المكرمة، قال لأهلها (أذهبوا فأنتم الطلقاء) وذلك على الرغم مما تعرض له النبي من أذى وسوء بفعل الكفار من أهل مكة آنذاك حيثُ أخرجوه منها وعذبوه والمسلمين إلا أنه قد سامحهم وعفا عنهم في نهاية الأمر.
الرفق بالحيوان
أوصانا ديننا الإسلامي بالرفق بالحيوانات، والتعامل معهم برفق ولين وذلك من خلال عدم تعذيب الحيوانات أو ضربها أو منع الطعام والشراب عنها أو إيذائها بأي شكل كان، فقد قال النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الرفق بالحيوانات ” اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة”.
كما حدد الدين الإسلامي عدد من الشروط الواجب الالتزام بها عند ذبح الحيوانات لضمان عدم تعذيب الحيوانات أو تألمها عند ذبحها للطعام أو للتضحية بها، فمن واجب الإنسان على الحيوان رعايته وتوفير الطعام والشراب له والرفق به وعدم إيذاءه.
فضل الرفق
إن اكتساب شعور وصفة الرفق في المرء المسلم من الأمور التي تجعله يشعر بالسلام الداخلي والرضا والسعادة، والهدوء في الحياة وذلك بفضل تسليم أمور حياته بأكملها لله والابتعاد عن كثرة التفكير والغضب.
كما أن الرفق من الصفات الحميدة التي يتقرب بها العبد إلى ربه ليرفع مقداره في الجنة درجات، حيثُ جاء عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ :” يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه “.
كما جاء في السُنة النبوية الشريفة قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ، إِنْ قِيدَ انْقَادَ، وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ”.
مواقف عن الرفق
جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له”يا رسول الله، هلكتُ، قال: (ما لك؟) قال: وقعتُ على امرأتي وأنا صائم، وفي رواية: أصبتُ أهلي في رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تجد رقبة تعتقها؟) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟) قال: لا، قال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، والعرق: المكتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أين السائل؟) قال: أنا، قال: (خذ هذا فتصدَّق به)، فقال الرجل: على أفقرَ مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها – يريد: الحَرَّتَيْن – أهل بيت أفقر مِن أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابُه، ثم قال: (أطعِمْه أهلَك).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُـزْرموه دعوه»، فتركوه حتى بال، ثُمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنَّما هي لذكر الله عزَّ وجلَّ والصلاة وقراءة القرآن».
خاتمة بحث عن الرفق
وختاماً فإن الرفق يساعد الإنسان في أن يكون لين القلب حميد الصفات وينال من خلاله الخير في الدنيا والآخرة، وذلك ما جاء في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ، إِنْ قِيدَ انْقَادَ، وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ”
وختاماً نكون قد تعرفنا معكم على تفاصيل بحث عن الرفق ، وللمزيد من الموضوعات تابعونا في موقع مخزن المعلومات.