يسعى عدد ليس بقليل لمعرفة هل العبارة التالية: الحنث هو مخالفة ما حلف عليه صحيحة أم خاطئة، فبعض الأحكام الشرعية المتنوعة يمكن التعبير عنها بألفاظ مجهولة لدى الكثيرين وهو الأمر الذي يجعل فهم الحكم من الأمور الصعبة، ولكن عن طريق البحث والإلمام بالمصطلحات لغويًا ومعنويًا يمكننا عرض مدى صحة العبارة السابقة والمقصود منها عبر الفقرات التالية بموقع مخزن.
العبارة السابقة: الحنث هو مخالفة ما حلف عليه هي عبارة صحيحة، ففي اللغة العربية نشير إلى مخالفة العهد أو الامتناع عن فعل ما تم الحلف عليه بلفظ الحنث، كما وردت الكثير من المعاني الدالة على الحنث مثل: الإثم أو الذنب، أو مخالفة الاتفاق وما تم الحلف عليه.
أما في الاصطلاح فالحنث هو مخالفة اليمين، أو مخالفة الأمر الذي تم الجزم عليه من قبل شخص ما، وهذا عن طريق ذكر الله تعالى والحلفان.
كما يعرف الحث باليمين أيضًا بعدم الوفاء، ومن الممكن أن يختلف الحنث باليمين باختلاف الأمر المحلوف عليه، فمن الممكن أن يقع الحلف في الماضي، ومن الممكن اعتبار الأمر في هذه الحالة غير مقصود أو غير معتبر فلا يقع الحنث سواء بالكذب أو الخطأ.
هذا الأمر متفق عليه من قبل فقهاء ثلاثة من المذاهب هم الحنفية والحنابلة والمالكية، أما الشافعية فلم يتفقوا مهم بهذا الشأن ويعتبرون أن اليمين الماضي أحد أشكال الحنث باليمين عند الخطأ أو الكذب.
أحد الأنواع الأخرى تتمثل في الحلف بالحاضر، وبهذه الحالة يكون الحكم مشابهة للحكم السابق، إلا أن فقهاء المالكية اتفقوا هنا مع فقهاء الشافعية وقررا انعقاد اليمين واعتباره حنث إذا كان كذبًا أو عن خطأ.
آخر الأنواع هو الحلفان في المستقبل، فإذا انعقدت على هذا الحلفان كافة الشروط فهناك بعض التفصيلات التي يجب الإلمام بها:
إذا كان هذا اليمين خاص بالنفي المطلق فيتم وقوع الحنث.
إذا كان الأمر يفيد النفي المؤقت فيتحقق الحنث في ذلك الوقت.
إذا كان الحلفان مثبت بشكل مطلق فيقع الحنث بمجرد عدم استطاعة الحالف تنفيذ الأمر، وأشار بعض الفقهاء إلى أن الحنث يقع إذا تواجدت النية بعدم التنفيذ.
إذا كان الحلفان بإثبات مؤقت فيتحقق الحنث عند العجز عن تنفيذ أمر اليمين، مادام الحالف والمحلوف عليه متواجدان.
بهذا يشر الله تعالى في كتابه الكريم عن كفارة الحنث باليمين، فمن الممكن أن يتاح للحانث بيمينه إطعام أو كسوة مسكين، أو عتق رقبة، وإذا لم يتمكن الفرد من القيام بشيء من الثلاثة فلابد له من صيام ثلاثة أيام.
أما الخيار الأول الخاص بإطعام المساكين ففيه يجب على الفرد أن يوفر الطعام لحوالي عشر مساكين، ويجب أن يكون مقدار الكمية يصل إلى نصف ما يوفره لأهل بيته، سواء كان الطعام عبارة عن قمح أو تمر أو أرز، سواء كانت الوجبة خاصة بالغداء أو العشاء.
أما في الخيار الثاني فيمكنه كسوة وتوفير الملابس لعشرة من المساكين والفقراء الذين لا يقون على توفير الملبس لأنفسهم، ويجب أن تكون الملابسة مناسبة للشرع ويجوز الصلاة بها.
في الخيار الثالث يجب أن يعتق الفرد رقبة فرد مؤمن موحد بالله عز وجل، ومن لم يتمكن من القيام بواحد من هذه الخيارات الثلاثة لابد له من الصيام ثلاثة أيام متتالية.
شروط الحنث باليمين
هناك بعض الشروط التي بمجرد توافرها يعتبر الفرد حانثًا بيمينه، فمن المهم أن يكون الحلف متعمد أو عن قصد، فإذا كان الحالف قد نسى أمر يمينه فلا يمكن اعتباره قد حنث بيمينه، كما لا يمكن اعتبار الفرد الذي أكره على الحلفان أو الجاهل حانثًا ليمينه، وهذا ما أشار إليه الفقهاء جميعًا وجماعات السلف، وهذا لما ورد في السنة النبوية الشريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما وردت بعض الآيات القرآنية أثبتت ألا يتم جزاء الفرد الذي أخطأ بالحلف واعتباره حانثًا عن يمينه، مثلما ورد الأمر في الآية الخامسة من سورة الأحزاب.
كما يثبت الأمر ما ورد برواية من عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ ، و النسيانَ ، و ما اسْتُكرِهوا عليه).
يسر الله عز وجل الكثير من الأمور للأمة الإسلامية، فلا يحاسب العبد عن خطأ فعله بجهالة أو بشكل غير معتمد، أو عند النسيان، والمقصود بوضع عن أمتي أي خفف الله عنها ورحمها ومنع عنها العذاب والجزاء.
من هذا المنطلق نكون قد تمكنا من الوصول إلى نهاية موضوعنا بعد أن قمنا بتوضيح صحة عبارة الحنث هو مخالفة ما حلف عليه ، والمقصود منها، مع الإلمام بشروط خنث اليمين وكفارة الحنث به عبر الفقرات السابقة، ومن المهم الإشارة إلى أن العبد المؤمن عليه الامتناع عن الحلف بشكل مستمر ليتجنب الوقوع في أي نوع من الشبهات أو الوقوع في أي خطأ متعمد أو غير متعمد.
يمكنكم الاطلاع على المزيد من الموضوعات المتنوعة عبر موقع مخزن من هنا: