ُيصاب الكثير من الأشخاص بما يُعرف بأزمة منتصف العمر خاصةً من تجاوزوا عامهم الأربعين من العمر، وتتمثل أزمة منتصف الغمر في كونها فترة من حياة الإنسان يشعر خلالها برغبته الشديدة في العودة إلى سن الشباب مرة أخرى، ليدخل البعض في حالة إنكار لكونهم قد تجاوزوا بالفعل منتصف العمر، وخلال هذه المرحلة فغالباً ما يتعرض الرجل للكثير من الأعراض السلبية حيث تمثل مرحلة انتقالية تتغير خلالها ميول الشخص ورغباته عما سبق، ليلاحظ المحيطين به تغير شامل في شخصية الرجل من حيثُ التفكير، الآراء، طبيعة علاقته بالآخرين.
وهناك العديد من العلامات التي يُمكننا من خلالها تمييز إصابة الرجل بأزمة منتصف العمر مثل الميل إلى العزلة والوحدة، الرغبة في عدم تحمل المسئولية، الاكتئاب الشديد لينتج عن جميع هذه العلامات إحساس مفرط بالندم على بعض القرارات القديمة التي اتخذها الإنسان مثل مجال العمل، قرار الزواج وتكوين أسرة.
هل أزمة منتصف العمر مرض حقيقي؟
لا يُمكننا تصنيف أزمة منتصف العمر ضمن نطاق الأمراض النفسية للإنسان، حيثُ يصاب بهذه الأزمة بعض الأشخاص الذين يمثلون الفئة القليلة وليس الغالبية، وقد قام بعض الخبراء بوصف أزمة منتصف العمر بكونها مرحلة انتقالية في حياة الإنسان تجعله يقوم بتقييم إنجازاته السابقة في الحياة، مع التفكير في اتخاذ بعض القرارات فيما يتعلق بمستقبله.
لذا فإن أزمة منتصف العمر هي حالة حقيقية إلا أنها ليست مرضاً نفسياً أو عضوياً ، فيتعرض لها البعض وتظهر عليهم أعراضها بالفعل إلا أنها تُعد شيئاً نادراً ولا يُشترط تعرض الجميع لها في كافة المجتمعات.
الفرق بين أزمة منتصف العمر والاكتئاب
قد يختلط على الكثيرين أمر التفرقة ما بين التعرض لأزمة منتصف العمر والإصابة بالاكتئاب، إلا أنه هناك فرقاً جوهرياً بينهما، فالاكتئاب يُمثل شعور مستمر بالحزن والمعاناة مما قد ينتج عنه في الكثير من الأوقات عدم الرغبة في الحياة، ويظهر الاكتئاب في مراحل عمرية مختلفة لدى الإنسان.
بينما من يعانون من أزمة منتصف العمر فإنهم يشعرون بالحزن لفترة قصيرة ثم يعودون إلى الشعور بالفرح والرغبة في مواصلة الحياة مرة أخرى والاستمتاع بكل ما فيها، وغالباً ما تحدث أزمة منتصف العمر مع بدايات الأربعينيات أو الخمسينيات والتي قد تتطور في بعض الأحيان ليُصاب الإنسان خلالها بالاكتئاب أو غيره من المشكلات النفسية.
أعراض أزمة منتصف العمر عند الرجال
غالباً ما يتم التعرف على إصابة الرجل أو الإنسان بوجه عام بأزمة منتصف العمر حينما تظهر عليه الأعراض التالية بعضها أو كلها، والتي تتمثل في:
الشعور الشديد باللامبالاة، حيثُ يشعر المرء بمشاعر مضطربة من اللامبالاة خلال أزمة منتصف العمر وذلك فيما يتعلق بالحياة الشخصية أو الحياة المهنية.
يشعر الإنسان خلال أزمة منتصف العمر برغبته الشديدة في البقاء مستلقياً على السرير طوال الوقت، مع الشعور برغبة دفينة في تغيير أسلوب وطريقة حياته بشكل كبير، حيثُ قد يقوم بعض الأشخاص حينها بشراء سيارة أو منزل جديد، وهو أمر قد يُحسن من الحالة النفسية للشخص إلا أنه لا يحل المشكلة إطلاقاً.
تجد أن الرجل خلال أزمة منتصف العمر يجادل دون فائدة، فيقوم الكثير من الأشخاص بالمجادلة فيما يرغبون في فعله مستقبلاً، إلا أنهم لا يقومون فعلياً بأداء أي شيء متعلق بهذا الأمر ولا يتخذون خطوات حقيقية نحوه,
خلال أزمة منتصف العمر يفقد الكثير من الأشخاص القدرة على التحكم في مسار حياتهم الشخصية والعملية، حيثُ يشعرون خلالها بأن حياتهم أشبه بالطائرة التي تسير دون قائد.
يشعر الأشخاص خلال هذا الوقت بفقدان الأهداف وانعدام القيمة في الحياة، حيثُ يرى الكثيرين منهم أنه لا توجد أية فائدة من الروتين اليومي للحياة وتكراره باستمرار.
عدم وجود فائدة أو جدوى لما يقوم به المرء، فيشعر الشخص بأن جميع الخطط التي يعمل عليها في الوقت الحالي لا تعمل، ولا يُمكنه النجاح فيها كما كان يفعل في السابق، ويتعلق هذا الشعور بالعمل، الروتين اليومي، الحياة الشخصية.
قد يقوم الرجال بفعل بعض التصرفات الغريبة التي لا تُشبه شخصيتهم الحقيقية على الإطلاق، وليست بالضرورة أن تكون جميع هذه التصرفات سيئة.
أحيانا ينتاب الشخص شعور دفين بالغيرة من الأشخاص الآخرين ويبدأ في النظر إلى ماضيهم أكثر مما يفعل في التركيز على حاضره ومستقبله، كما يقوم البعض أحياناً بمقارنة ما وصل إليه من إنجازات مع إنجازات الآخرين خلال الفترة الماضية.
أكثر ما يسوء الأمر خلال أزمة منتصف العمر هو ما يشعر به الإنسان من ملل وفتور، حيثُ يشعر وكأنه على دراية بكافة النهايات المتوقعة لجميع المواقف، مما يجعل حياته مملة بقدر كبير.
الشعور بفقدان لذة النجاح، خلال أزمة منتصف العمر يشعر الإنسان بفقدان لذة النجاح وأن الحياة قصيرة للغاية ولا يُمكن ضمان ما يحمله الغد من جديد، مما يجعل الإنسان يرفض أي فرصة للتطور والنجاح مما يؤدي به إلى فقدان الشغف والرغبة في النجاح في الحياة.
تتسبب أزمة منتصف العمر في شعور الإنسان بفقدان الرضا، فمهما بلغ من نجاحات وإنجازات في حياته لا يكون راضياً عنها.
العمل لتجنب الخسارة، وليس للنجاح، فتجد أن الأشخاص خلال هذه الفترة يعملون فقط من أجل تجنب المزيد من الخسارة وليس رغبة في النجاح، فيشعر الرجل بأنه قد تقدم في العمر ولا قيمة لنجاحه بعد الآن.
أسباب أزمة منتصف العمر
هناك العديد من الأسباب التي من شأنها أن تزيد من خطر التعرض لأزمة منتصف العمر لدى الرجال، فمن أبرزها:
كثرة المسؤوليات والضغوطات سواء في الحياة الأسرية أو في الحياة المهنية.
البحث الدائم عن الوسيلة المعززة للثقة بالنفس نظرًا لشعوره بأن زوجته تعمل على التقليل من شأنه، حيث يرغب في استعادة الثقة من خلال امرأة أخرى تجعله يشعر برجولته.
البرود العاطفي الذي تسلل إلى حياته الزوجية نظرًا لانشغال الزوجة بأولادهما وإهمالها لنفسها ولفكرة تقديم المشاعر له وغيرها من الاحتياجات.
قلة مستوى هرمون التستوستيرون المسؤول عن تحقيق الاتزان الجسدي والنفسي والجنسي لدى الرجل.
انشغال الأصدقاء في معارك الحياة، حيث إن هذه المرحلة تعد بمثابة مرحلة إعادة تقييم الأهداف والأولويات.
متى تنتهي أزمة منتصف العمر عند الرجل
ليس هناك فترة زمنية محددة يُمكن أن تنتهي خلالها أزمة منتصف العمر، ولكنها أمر نسبي يختلف من رجل إلى آخر ومن شخص إلى آخر، وقد أوضحت بعض الدراسات الطبية حول هذا الأمر بأن أزمة منتصف الغمر قد تبدأ لدى بعض الرجال خلال منتصف العقد الثالث من العمر وتنتهي في منتصف العقد الرابع، وهنا فإن الأمر نسبي بشكل تام، فالبعض من الرجال قد يعانون من أزمة منتصف العمر لعدة أيام أو أسابيع لتنتهي ويعودون إلى حالتهم الطبيعية المعتادة، والبعض الآخر قد يستمر في أزمة منتصف العمر لأعوام طويلة، وقد يحدث في بعض الأحيان تطورها لتصل إلى الاكتئاب والرغبة الشديدة في تغيير أسلوب الحياة.
حلول أزمة منتصف العمر
لا يمثل التعامل مع أزمة منتصف العمر أمراً هيناً سهلاً على الإطلاق، حيثُ يشعر المرء بأنه هناك شيء سيء يحدث له وعليه التخلص منه على الفور، وذلك من خلال بعض النصائح الفعالة التي تتمثل في:
الخروج بعيداً عن نطاق الراحة وممارسة بعض الأنشطة الجديدة المغايرة لما يعتاد الإنسان عليه في الواقع، مثل الخروج إلى أماكن جديدة، السفر، ممارسة أنشطة جديدة مما يساعد في تحسين الأوضاع النفسية بشكل كبير.
التحلي بالأمل والإيجابية، فأزمة منتصف العمر لا تمثل بالضرورة أمراً سلبياً مطلقاً، حيثُ يمكنك التحلي بالإيجابية خلالها والتركيز على ممارسة الأنشطة المفيدة واتخاذ القرارات الإيجابية فقط.
عليك التحلي باللطف والمودة مع العائلة والأصدقاء خلال هذه الفترة خاصةً وإن كنت تشعر بأنك ترغي في اتخاذ قرارات قوية ومهمة في حياتك.
غالباً ما يشعر الرجال والنساء خلال أزمة منتصف العمر بالوحدة والانعزال، إلا انه عليك الاستعانة بالتحدث مع العائلة أو الأصدقاء المقربين، أو أحد المعالجين النفسيين.
ليس عليك على الإطلاق أخذ قرارات متسرعة، فلا يجب أن تتخذ بعض القرارات فقط لأنك تشعر بالرغبة في التغيير، حيث تتطلب القرارات المهمة وقتاً أطول للتفكير.
يُمكنك مساعدة الآخرين وممارسة بعض الأعمال التطوعية التي تساعدك في خلق روح نشطة جديدة مثل ممارسة الأعمال التطوعية.
أزمة منتصف العمر عند السيدات
لن تقتصر أزمة منتصف العمر على الرجال، فلقد أشار علماء النفس إلى أنها تحدث أيضًا عند النساء، ومن المتوقع أن تستغرق ما يعادل من 3 إلى 10 سنوات عند الرجال، بينما 5 سنوات فقط عند النساء، وكذلك أشاروا إلى أن الطبيعية الفيولوجية بين الرجل والمرأة واختلاف دورهما في الأسرة والمجتمع من الأمور المساهمة في جعل أعراض وأسباب هذه الأزمة تختلف بينهما، فإليكم فيما يلي بأهم المعلومات عن أزمة منتصف العمر لدى السيدات:
قد تحدث أزمة منتصف العمر عند النساء بسبب الخوف من التقدم في العمر وحاجتهن إلى الاستمتاع طوال الوقت بجمالهن دون المعاناة من علامات الشيخوخة.
أو قد تحدث لانقطاع الطمث في العقد الرابع.
ومن المحتمل أن تحدث أيضًا لعدم القدرة على تحقيق الأحلام الشخصية بسبب فناء سنوات الشباب والصحة في تولى الأمور المنزلية وتربية الأطفال وتكوين أسرة مستقرة نفسيًا.
أما عن أعراض هذه الأزمة لدى النساء في تتمثل في الأرق والاكتئاب وزيادة الوزن أو نقصه والإحساس المستمر بالملل والتفكير العميق واتخاذ القرارات المتهورة وقد تقل الرغبة الجنسية.
ففي الحقيقة للتغلب على هذه الأزمة ينبغي أن تتبع المرأة الحلول التي طرحناها بشكل مسبق، وأن تسعى للخروج منها من خلال الاستمتاع بالحياة وعدم ترك الفرصة لهذه الأزمة لتسرق منها المزيد من السنوات.
أسئلة شائعة
كيف أتعامل مع الرجل الذي يمر بأزمة منتصف العمر؟
يجب على الزوجة أن تتعامل مع زوجها الذي يمر بأزمة منتصف العمر بحكمة وذلك من خلال تجديد حبها له وتجنب الغيرة والصبر والاحتواء والتفهم.
متى تنتهي المراهقة المتأخرة عند الرجال؟
تبدأ المراهقة المتأخرى لدى الرجال من سن 37 إلى 50 سنة، ولكنها تحدث بشكل شائع في سن الأربعين، حيث تنتهي مع بداية سن الخمسين أو قبل الوصول إلى سن التقاعد أي بعد إشباع الرجل لمشاعره المكبوتة ورغباته وقدرته على تخطي الأزمة.