ابحث عن أي موضوع يهمك
إن العمل يمثل أحد أهم الأمور التي يقوم الأفراد بها في المجتمعات، والذي يساهم بصورة أساسية في تنظيم المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وهناك العديد من الجوانب التي تتجلى أهمية إتقان العمل بها، ومنها:
إن أهمية إتقان العمل تنبع من السعي نحو كسب حب الله تعالى، حيث يعتبر الحب أحد شطور الإسلام، ولا يكون هناك إيمان لمن لا يوجد محبة له، حيث يحب الله جل وعلا عباده المتقنين لعملهم، وهو ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ)، وهو ما يجب أن يتعظ به أصحاب الأعمال والمهن، فعليهم إتقان عملهم حتى يكسبوا حب الله تعالى ورضاه.
يكسب المتقن لعمله حب الناس له، وحبهم لدينه، حيث يكبر الشخص المتقن لعمله في عين الآخرين، أما من يهمل عمله يصغر بعين الناس وإتقان العمل يفسر بحسن الدين، ومن تفسير إتقان العمل انتقاص الدين والخلل الواضح بالعقيدة، حيث يعكس العمل معتقد وصحة دين صاحبه، ومن خلال يمكن التوصل إلى كمال الدين، ومن ثم يجب أن يتقن المسلم عمله لكسب حب الناس واحترامهم.
إن أهمية إتقان العمل تنبع من تعبيره عن نجاح الفرد بالمجتمع الذي يعيش به، وحينما يؤدي كل فرد بالمجتمع عمله على أكمل وجه فسوف يرتقي المجتمع ككل، ويصلح حال البلد، ويذكر أن صلاح حال المجتمع يرتبط بشكل وثيق بصلاح عمل الأفراد التي تعيش به، وانتشار الإتقان في العمل يترتب عليه استحالة التقاعس والفشل والتكاسل، وظهور القوة والنشاط بالمجتمع.
يعتبر إتقان العمل من سمات الإسلام التي يمتاز المسلمون بها، لذا يجب على جميع المسلمين الالتزام بإتقان جميع الأعمال، سواء العمل الحياتي، السلوكي، أو العمل التعبدي، وهو ما قال فيه الله تعالى في سورة الأنعام الآية 162 (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، حيث إن إتقان عمل واحد والنجاح به والتميز به أفضل من العمل في العديد من الأنشطة والفشل بأدائها.
يعتبر العمل من أهم الأمور التي يقوم الأفراد بها في المجتمع، وهو ما يساهم بتنظيم المجتمع بشكل كبير، ومن أبرز آثار العمل على الفرد وحياته ما يلي:
ترجع آثار العمل على الفرد بالكثير من الفوائد، ونتيجة لأن المجتمعات تتألف من اجتماع الأفراد فيما بينهم، لذلك فإن الآثار التي تنعكس على الأفراد من تنعكس كذلك على المجتمع، ومن أهم آثار العمل التي تنعكس على المجتمعات ما يلي:
إن إتقان العمل في الإسلام وسيلة من وسائل المسلم نحو كسب الرزق الحلال، وهو عبادة خالصة، حيث يدعو دين الإسلام المسلم للانطلاق والسعي والعمل، وعدم الكسل والفتور، فيجب على المسلم أن يكون إيجابيًا في الدنيا طالبًا للرزق والخير من الخالق جل وعلا، وذلك الخير لا يأتيه إلا بالجهد والعمل المتواصل، وأن يستشعر مراقبة الله له في بكل خطوة يخطوها بعمله.
وأن يؤدي العمل على أحسن حال وأتم وجه، وقد جعل الله العمل بالدين الإسلامي عبادة، وقد حدثنا الله تعالى بكتابه الكريم وذكره النبي صلى الله عليه وسلم عن أهمية العمل، بجميع أنواعه ومجالاته المختلفة والمباحة، وتلك العبادة السامية يؤجر المسلم عليها إن قام بها، وإن أداها على أتم وجه، وأخلص بعمله بجميع ما آتاه الله من عزيمة وقوة.
وقد ورد بصحيح مسلم الحديث الذي رواه أنس عن أهمية العمل حيث قال (عَنْ أَنَسٍ بن مالك قَالَ: قَالَ الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)، وقد جعل الله إتقان العمل بالإسلام فريضة على المسلمين، وأي عمل يؤديه المسلم بالحياة الدنيا سواء كان صغيرًا أو كبيرًا هو جهاد وعبادة إن صحت النية به وكان خالص لوجه الله سبحانه.
كما وإن قدم العبد عمله بأمانة وإتقان لحصل من الله تعالى على خير الجزاء، وهو ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ)، فقد خلق الله العباد وكلفهم بعبادته على أكمل وجه، إلى جانب تكليفه بالعديد من الواجبات المختلفة التي يؤديها بإخلاص وأمانة تجاه مجتمعه وأسرته، والمكان الذي يعيش به.
فعلى المسلم أن يقدم يد العون للآخرين ومساعدتهم بقضاء حوائجهم، وتيسير أمور حياتهم، وعليه كذلك أن يتقن ما يقوم به من عمل، فلم يخلق الله جل وعلا الإنسان إلا لكي يعمل ويعمر الأرض، وهو ما قال به الله تعالى في سورة هود الآية 61 (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
فلا يرضى الله جل وعلا عن الإنسان بعبادته فقط، ولكن يرضى عنه بالاجتهاد والجد في العمل والهمة العالية فيه، وإتقان ما يقدمه من عمل حتى ينل بالدنيا النجاح والتوفيق، والثواب والأجر من الله تعالى، وهو ما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ).
إن إتقان العمل في الإسلام له العديد من المجالات منها العبادة، حيث إن إتقان الوضوء يكون عن طريق إتمام الوضوء وإسباغه، لكي يشمل جميع أعضاء وأجزاء الجسد المطلوب وصول الماء إليها وغسلها، كما يكون إتقان الصلاة من خلال الخشوع بها، وإتيان كافة أركانها، أما الإتقان بالزكاة فيكون عبر دفعها لمستحقيها وأدائها بوقتها، والاختيار من بين أفضل أصناف المال لإخراجها والجود بها، وهو ما فعله ذو القرنين عندما بنى السد بأعلى مواصفات البناء والمعايير، وهو ما يدل على أهمية إتقان العمل والأمانة به.